على تقدم الآخر أو تقارنه أو تأخره، بحيث لم يكن الأثر مختصا بواحد من حالات أحد الحادثين فلا يجري الاستصحاب من جهة المعارضة، وكذا لو كان الأثر مترتبا على تقدم أحدهما مثلا بنحو - كان الناقصة - لا يجري الاستصحاب أيضا، من جهة أن عدم اتصاف أحد الحادثين بالتقدم ليس له حالة سابقة، بحيث كان هذا الشيء سابقا ولم يكن متصفا بالتقدم حتى يستصحب عدم اتصافه به بل من أول الأمر إما وجد موصوفا أولا، فعلى هذا يكون استصحاب عدم تقدمه كاستصحاب عدم كون هذا الجسم أبيض أو أسود، أو عدم كون هذا الماء كرا، حيث لم يعلم الحالة السابقة، فكما لا يجري الاستصحاب فيها فلا يجري فيه أيضا، فإذا لم يكن لهذا الشيء حالة سابقة بكونه متصفا بالتقدم أو بعدم التقدم، ولا يمكن إجراء الاستصحاب بالنسبة إلى شيء منهما، ففي الطرف الآخر إن كان موضوع الأثر هو كون الشيء متصفا بالتقارن أو التأخر فلا يثبت، وإن كان موضوع الأثر عدم الاتصاف بالتقدم أو عدم التقدم لا التقارن ولا التأخر فلا مانع من ترتيب الأثر، فعلى هذا يمكن في مسألة الشك في قرشية المرأة وأمثالها أن يقال إن عدم قرشية هذه المرأة وإن لم يكن له حالة سابقة، لأنها إما وجدت قرشية أو غير قرشية إلا أن الحكم في الطرف الآخر لم يكن مترتبا على المرأة المتصفة بعدم القرشية حتى يمنع عن إجراء ذلك الحكم، من جهة عدم إحراز ذلك العنوان، بل الحكم رتب على عدم تحقق عنوان القرشية فلا مانع من ترتيب ذلك الحكم.
والحاصل: أن الحكم بالتحيض إلى الستين مترتب على عنوان القرشية، والحكم بالتحيض إلى الخمسين مترتب على من عدى المتصف بهذا الوصف، فيكفي في ترتب ذلك الحكم عدم إحراز القرشية، ولا يحتاج إلى إحراز عدم القرشية حتى يمنع عن إحرازه، ويقال: إن الحكم بالتحيض إلى الخمسين مترتب على عنوان غير القرشي، فكما لا يثبت القرشية ولا يترتب عليها حكمها، فكذلك لا تثبت غير القرشية ولا يترتب عليها حكمها فتدبر.
الثاني عشر: أنه هل يجري الاستصحاب في الأمور الاعتقادية التي يكون