واستصحاب عدم التكليف بالواقع فعليا لا يجدي ولا يثبت كون ما أتى به مسقطا إلا على القول بالأصل المثبت، وقد علم اشتغال ذمته بما يشك في فراغها عنه بذلك المأتي.
وهذا بخلاف ما إذا علم أنه مأمور به واقعا وشك في أنه يجزئ عما هو المأمور به الواقعي الأولي كما في الأوامر الاضطرارية أو الظاهرية بناء على أن تكون الحجية على نحو السببية، فقضية الأصل فيها كما أشار إليه (قدس سره) هو عدم وجوب الإعادة وإن ناقشنا فيه، وأما القضاء فلا يجب بناء على كونه بأمر جديد وكان الفوت المعلق عليه وجوبه لا يثبت بأصالة عدم الإتيان إلا على القول بالأصل المثبت، من جهة أن الفوت ليس مجرد عدم الإتيان بشيء، بل عدم الإتيان بشيء من شأنه الإتيان به كالعمى فإنه ليس مجرد عدم البصر، بل عدم البصر عما من شأنه البصر، وبأصالة عدم الإتيان لا يثبت الأمر الوجودي وهو شأنية الإتيان به، كما أن بأصالة عدم البصر لا يثبت الأمر الوجودي وهو شأنية البصر إلا على القول بالأصل المثبت.
وعلى فرض تسليم أن الفوت عبارة عن نفس عدم الإتيان أو أنه وإن كان غيره إلا أن الواسطة خفية ويمكن إثبات الفوت الذي هو موضوع القضاء بأصالة عدم الإتيان الذي هو أصل موضوعي فيما إذا شك في إتيان فعل في وقته بناء على أن لا يكون خروج الوقت حائلا مع ذلك لا يمكن ذلك في المقام، وذلك لأن المأمور به بالأمر الظاهري قد أتى به يقينا والمأمور به بالأمر الواقعي لم يأت به يقينا، فلا أصل موضوعي هنا يحرز به موضوع القضاء، فتأمل.
تذنيبان:
الأول: أنه لا ينبغي توهم الإجزاء في القطع بالأمر فإن ما أتى به غير مأمور به، والمأمور به لم يأت، فليس في البين أمر شرعي بما أتى به لا واقعا ولا ظاهرا حتى يتوهم الإجزاء وإنما هو تخيل أمره.
نعم يمكن الإجزاء فيما إذا كان المأتي به مشتملا على المصلحة في هذا الحال أو على مقدار من المصلحة ولو في غير هذا الحال غير ممكن مع استيفائه استيفاء