الشك هو أنه لو دل دليل على وجوده لا يطرح ذلك الدليل بمجرد احتمال استحالته، بل يترتب عليه أثر الوجود ما لم يعلم استحالته، إذ ليس للممكن في حد ذاته أثر قابل لأن يترتب عليه حال الشك إلا هذا الأثر - أعني أثر وجوده - عليه عند قيام طريق معتبر عليه، ومعلوم أن ترتيب هذا الأثر لا يتوقف على أصالة الإمكان، بل يكفي فيه احتمال الا مكان، مثلا لو أخبر عادل بأمر لا نحتاج في تصديق المخبر بوقوع ذلك الأمر أولا من البناء على إمكان ذلك الأمر، ثم ترتيب آثار الوجود عليه بمقتضى تصديق المخبر، بل يكفي مجرد احتمال إمكانه في تصديقه وترتيب الآثار عليه كما في سائر موارد إخبار العادل، حيث يكفي في تصديقه وترتيب الأثر على خبره احتمال صدقه مع أن وقوع دليل التعبد بها من طرق إثبات الإمكان حيث يستكشف منها عدم ترتب محال من تال باطل فيمتنع مطلقا، أو على الحكيم تعالى فلا حاجة معه في دعوى الوقوع إلى اثبات الإمكان، وبدونه لا فائدة في اثباته.
والحاصل: أن المقصود من إثبات أصالة الإمكان هو أنه لو دل دليل على وقوعه لم يطرح هذا الدليل، بمجرد احتمال استحالته، وهذا لا يتوقف على إمكانه واقعا، بل يكفي فيه احتمال الإمكان. وعلى تقدير تسليمه دليل وقوع التعبد من طرق اثباته فيكشف إنا أنه أمر ممكن، فتأمل.
والخلاف في هذا المقام حكي عن ابن قبة (1) فإنه قال باستحالة التعبد بالأمارة الغير العلمية. واستدل على مدعاه بوجهين:
أحدهما مخصوص بخبر الواحد لا سائر الأمارات الغير العلمية.
ولكن الوجه الثاني يعم تمام الأمارات الغير العلمية.
أما الوجه الأول: فهو أنه لو جاز التعبد بالخبر الواحد في الإخبار عن النبي لجاز في الإخبار عن الله، والتالي باطل اجماعا فالمقدم مثله.
وفيه: أولا منع الملازمة، إذ يمكن التعبد بخبر الواحد في الإخبار عن