بما حصل في زمان النبي، كما اختاره العامة لبنائهم على اختصاص مصدرية الأحكام به (صلى الله عليه وآله)، وهذا النزاع إنما هو على القول بأن هذه المعاني محدثة لم تكن سابقا، وأما على القول بثبوت هذه المعاني في الشرائع السابقة واختلافها مع شرعنا إنما هو في الخصوصيات والكيفيات فلا يجري هذا النزاع، بل تكون هذه الألفاظ على هذا حقائق لغوية.
واحتمال أن تكون الألفاظ الدالة على تلك الحقائق في الشرائع السابقة غير هذه الألفاظ. فثبوت تلك الحقائق فيها لا يستلزم كون ألفاظها تلك الألفاظ حتى يلزم كونها حقائق لغوية، ولا يجري فيها النزاع.
مدفوع، بأن طائفة العرب المتدينين بشرع موسى أو عيسى إن كان تعبيرهم عن هذه المعاني بتلك الألفاظ فيثبت المدعى، وإن كان بغيرها لنقل إلينا ولاطلع عليها المتتبعون في اللغة، والحال أنه لم يدع أحد من أهل اللغة ان لهذه المعاني ألفاظا موضوعة بإزائها غير هذه الألفاظ.
والحاصل: أنه لا إشكال في أن طائفة من العرب كانوا متشرعين بغير هذه الشريعة من الشرائع السابقة. وهذه الحقائق كانت في تلك الشرائع فإن كان الدال عليها عندهم عين هذه الألفاظ ثبت المدعى، وإن كان غيرها فلابد من اطلاع المتتبعين في اللغة ونقلها إلينا، والحال أنه ليس في المقام نقل بأن للأركان المخصوصة لفظا آخر، وهو اللفظ الفلاني وهكذا بالنسبة إلى غيرها.
ثم إن الثمرة التي ذكروها لهذا النزاع هي حمل تلك الألفاظ على المعاني الشرعية لو صدرت مجردة عن القرينة بناء على القول بالثبوت، وعدمه على القول بعدمه. وهذه الثمرة يختلف ترتبها على القول بالثبوت بين القول بالوضع التعييني وبين القول بالوضع التعيني، أما بناء على القول بالوضع التعييني سواء كان بإنشاء قولي أو بالاستعمال بقصد الوضع لو صدر اللفظ بعد صيرورتها حقائق شرعية فيحمل على معناه الشرعي ولو صدر قبله يحمل على معناه اللغوي، وأما بناء على القول بالوضع التعيني الناشئ من كثرة الاستعمال فلا إشكال في أنه على هذا