الشبهة الوجوبية أيضا، وأما الشبهة الوجوبية فالمعروف بينهم هو الرجوع إلى البراءة كالأصوليين ونظره في جعل مسائل كل قسم من الأقسام الثلاثة أربعة إلى الفرق بين إجمال النص وفقدانه - كما عرفت - أو إلى خصوصية أخرى غير موجبة للفرق كهذه الخصوصية.
وعلى أي حال لو شك في وجوب شيء أو حرمته ولم يقم عليه دليل جاز شرعا وعقلا ترك الأول وفعل الثاني وكان مأمونا عن عقوبة مخالفته، سواء كان عدم قيام الدليل من جهة فقدان النص أو إجماله واحتماله الاستحباب والكراهة، أو تعارضه فيما لم يكن لأحدهما ترجيح بناء على القول بالتوقف في تعارض النصين.
وأما لو كان لأحدهما ترجيح أو قلنا بالتخيير في تعارضها فلا مجال لأصالة البراءة وغيرها من الأصول، لوجود الحجة المعينة أو المخير فيها، ومعه لا ينتهي الأمر إلى الأصول العملية، كما لا يخفى.
وقد استدل على ذلك بالأدلة الأربعة أما " الكتاب " فبآيات منها: قوله تعالى ﴿لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها﴾ (١).
قيل (٢): دلالة هذه الآية واضحة.
وأورد عليه الشيخ (قدس سره) (٣) بأنها غير ظاهرة فضلا عن كونها واضحة، وذلك لأن حقيقة الايتاء هو الاعطاء، فإما أن يراد بالموصول المال بقرينة قوله تعالى - قبل ذلك -: ﴿ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله﴾ (4) فالمعنى أن الله سبحانه لا يكلف العبد إلا دفع ما أعطاه من المال، وأما أن يراد فعل الشيء أو تركه بقرينة ايقاع التكليف عليه، إذ التكليف لا يتعلق الا بالفعل أو الترك، ولذا لابد - على الاحتمال الأول - من تقدير لفظ الدفع ونحوه، وإلا لم يستقم المعنى.