نعم لو كان بمعنى طلب ترك كل فرد منه على حدة لما وجب إلا ترك ما علم أنه فرد، وحيث لم يعلم تعلق النهي إلا بما علم أنه مصداقه، فأصالة البراءة في المصاديق المشتبهة محكمة... (1) إلى آخره.
ومراده (قدس سره) من هذا الكلام هو أن النهي إن تعلق بفعل له تعلق بالأعيان والأمور الخارجية مثل: لا تشرب الخمر، ولا تقتل النفس المحترمة، ولا تصل في أجزاء مالا يؤكل لحمه وأمثالها، فهذا التكليف الواحد ينحل إلى تكاليف عديدة حسب تعدد الأفراد والمصاديق الخارجية، ويكون على رأس كل فرد شخص من الحكم، لأن لازم جعل الحكم الكلي للمتعلق الكلي هو انحلال الحكم وتعدده بتعدد أفراد المتعلق، فكل ما علم أنه فرد من المتعلق يستتبعه فرد من الحكم ويجب تركه واجتنابه، وكل ما لم يعلم أنه فرد منه يجوز الرجوع إلى أصالة البراءة بلا فرق بين أن نقول بأن النهي زجر عن الوجود - كما هو الظاهر - حيث إن النهي تعلق بالطبيعة كالأمر إلا أن الأمر بعث إلى الوجود لما فيها من المصلحة، والنهي زجر عن الوجود لما فيها من المفسدة، ولازم الزجر عن الوجود هو الانعطاف إلى العدم، أو نقول بأن النهي بعث إلى العدم لما في العدم من المصلحة، ولازم البعث إلى العدم هو الزجر عن الوجود - كما هو خلاف الظاهر - حيث إن الأمر ناش عن المصلحة والنهي ناش عن المفسدة لاعن المصلحة في العدم، ولو كان العدم في بعض الموارد ذا مصلحة وبواسطة وجود المصلحة فيه تعلق النهي كترك الأكل والشرب وغيرهما من المفطرات في الصوم نسمي ذلك الترك واجبا لا الفعل حراما.
وعلى أي حال إذا شك في هذا القسم في شيء أنه من مصاديق الخمر - مثلا - يجوز الرجوع إلى أصالة البراءة، لأن العلم بالكبرى الكلية - وهي حرمة شرب الخمر - لا يكفي في تنجز التكليف، بل لابد في تطبيقها على الصغرى الخارجية، ومع الشك في التطبيق يرجع إلى البراءة بالنسبة إلى هذا المصداق المشتبه وإن