فقال: لك بها عذق في الجنة، فأبى أن يقبل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للأنصاري: اذهب فاقلعها وارم بها إليه، فإنه لا ضرر ولا ضرار (1). وهذه القضية حكيت عن أبي جعفر (عليه السلام) بطريقين آخرين: أحدهما (2): رواية ابن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)، وهي مخالفة مع الأولى في بعض الألفاظ والخصوصيات التي لا يتغير بها المعنى مع اشتمالها على قيد زائد وهو لا ضرر ولا ضرار على مؤمن. والثاني:
رواية أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) ليس فيها لفظ الضرر والضرار، بل فيها أن رسول (صلى الله عليه وآله) قال: ما أراك يا سمرة إلا مضارا، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها (3) وجهه. فالتكلم في تلك القاعدة من جهة السند والمناقشة فيه مما لا ينبغي.
نعم لابد من التكلم فيها من جهات أخر:
الأولى: في بيان معنى الضرر والضرار: لا إشكال في أن الضرر على ما يستفاد من كلام بعض أهل اللغة كالصحاح والمصباح هو ضد النفع وخلافه، وهو اسم مصدر من ضر ومصدره الضر، وهو من المفاهيم العرفية المعلومة، وإجمال الضرار - وأنه أيضا بمعنى الضرر، وإنما جيىء به تأكيدا، أو هو فعل الاثنين أو المجازات على الضرر، أو هو الاضرار بالغير من دون أن تنتفع به، والضرر هو الاضرار بالغير مع الانتفاع به - لا يضر بالاستدلال ب " لا ضرر " في المسائل الفرعية كما هو الحال في سائر الروايات المشتملة على فقرتين إحداهما مبينة والأخرى مجملة، كما لا يخفى.
الثانية: في بيان مفاد هذه الهيئة: والأصل فيها بمقتضى الوضع اللغوي أن تكون كلمة " لا " لنفي الحقيقة حقيقة وواقعا، والحمل على هذا المعنى متعذر هنا، لأنه مستلزم للكذب وخلاف الواقع لما نشاهد من الضرر في الخارج كثيرا، فلابد من الحمل على أقرب المجازات بعد تعذر الحقيقة.