من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي.
والحاصل: أنه إذا أحرز وجود المناط في أحدهما وكان الحكم اقتضائيا بالمعنى المذكور في المقام أو أحرز المناط فيهما وكان الحكم المستفاد منهما فعليا بالمعنى المذكور لوقع التعارض بين الروايتين الدالتين عليهما إذا علم إجمالا بكذب أحدهما، ولابد حينئذ من إعمال مرجحات باب التعارض.
وإن أحرز المناط فيهما وكان الحكم المستفاد من كل واحد منهما اقتضائيا لوقع بينهما التزاحم، ولابد حينئذ من ملاحظة مرجحات باب التزاحم، فتأمل.
العاشر: أنه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب أن يكون كل واحد من الطبيعة المأمور بها والمنهي عنها مشتملة على مناط الحكم مطلقا حتى في حال الاجتماع، فلو كان هناك ما دل على ذلك من إجماع أو غيره فلا إشكال، ولو لم يكن إطلاق الدليلين ففيه تفصيل: وهو أن الإطلاق لو كان في مقام بيان الحكم الاقتضائي بالمعنى المذكور لكان دليلا على ثبوت المقتضي والمناط في مورد الاجتماع فيكون من هذا الباب. ولو كان في مقام بيان الحكم الفعلي بالمعنى المذكور فلا إشكال في كونه من هذا.
ولا ريب في استكشاف ثبوت المقتضيين للحكمين الفعليين على القول بالجواز إلا إذا علم إجمالا بكذب أحد الدليلين فلا يكون من هذا الباب. ويعامل معهما معاملة التعارض، وأما على القول بالامتناع فالاطلاقان متنافيان من غير دلالة على ثبوت المقتضي للحكمين في مورد الاجتماع أصلا، فإن انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن أن يكون لأجل المانع مع ثبوت المقتضي له يمكن أن يكون لأجل انتفائه، إلا أن يقال: قضية التوفيق بينهما هو حمل كل منهما على الحكم الاقتضائي لو لم يكن أحدهما أظهر، وإلا فخصوص الظاهر منهما.
فتلخص: أنه كلما كانت هناك دلالة على ثبوت المقتضي في الحكمين كان من مسألة الاجتماع، وكلما لم يكن هناك دلالة عليه فهو من باب التعارض مطلقا إذا