رابعها: أن الفرق بين هذه المسألة ومسألة دلالة الأمر على المرة أو التكرار و مسألة تبعية القضاء للأداء لا يكاد يخفى، فإن النزاع في مسألة دلالة الأمر على المرة أو التكرار في أمر لفظي، وهو أن الصيغة هل تدل بنفسها أو بدلالة أخرى على أن المطلوب ايجاد الطبيعة المأمور بها مرة أو مرارا؟ والنزاع في هذه المسألة في امر عقلي، وهو أن إتيان المأمور به هل يقتضي الإجزاء بمعنى اسقاط التعبد به ثانيا كما في كل مأمور به بالنسبة إلى أمره، أو اسقاط الإعادة والقضاء كما في المأمور به بالأمر الظاهري والاضطراري بالنسبة إلى الأمر الواقعي.
وبعبارة أخرى النزاع في مسألة دلالة الأمر على المرة أو التكرار في تعيين المأمور به شرعا والنزاع في هذه المسألة بعد الفراغ عن ما هو المأمور به شرعا في أن إتيانه يجزي عن التعبد به ثانيا أو يسقط القضاء والإعادة أم لا؟ ولذا جعل عنوان النزاع في تلك المسألة في الأمر وأن الأمر هل يقتضي المرة أو التكرار؟
وفي هذه المسألة في إتيان المأمور به وأنه هل يقتضي الإجزاء أم لا؟ فلا ربط بين المسألتين أصلا لا مضمونا ولا مصداقا، فأي ربط بين دلالة الأمر على المرة أو التكرار وبين اقتضاء إتيان المأمور به بكل أمر اسقاط التعبد به ثانيا أو المأمور به بالأمر الظاهري أو الاضطراري لإسقاط الإعادة والقضاء وعدمه.
نعم لو قيل في هذه المسألة بأن إتيان المأمور به بكل أمر يقتضي عدم الإجزاء عن أمره لا أنه لا يقتضي الإجزاء كان هذا عين القول بالتكرار، وكذلك مسألة تبعية القضاء للأداء فإن النزاع فيها أيضا في دلالة الصيغة، وأن الأمر بفعل في وقت هل يدل على كونه مطلوبا بعد انقضاء الوقت أو لا يدل؟ وبعبارة أخرى هل يستفاد من الأمر بفعل في وقت أن نفس الفعل مطلوب، وكونه في الوقت مطلوب آخر فيبقى مطلوبية أصل الفعل بعد انقضاء الوقت حتى يكون القضاء تابعا للأداء، أو أن المطلوب شيء واحد وهو الفعل في الوقت فإذا انقضى الوقت فأصل الفعل أيضا ليس مطلوبا إلا أن يدل دليل آخر على كونه مطلوبا حتى لم يكن القضاء تابعا للأداء، بل كان بأمر جديد.