دليليتها، فحينئذ تدخل مسألة التحسين والتقبيح العقليين كسائر مسائل الحجج في المسائل الأصولية.
وكيف كان فقد اختلفوا في حجية خبر الواحد الغير المحفوف بالقرائن القطعية. وقد استدل كل من المثبتين والمنكرين بالأدلة الأربعة، مع أن المنكرين لا يحتاجون إلى إقامة دليل على مدعاهم، بل يكفيهم منع دليل الخصم والمناقشة فيه، وإنما أقاموا الدليل على مدعاهم من جهة معارضة أدلة الخصم، وأنه مضافا إلى عدم الدليل على حجيته الأدلة على عدم حجيته موجودة:
الأول من أدلة النافين: دليل العقل، وهو ما استدل به ابن قبة على عدم جواز التعبد بخبر الواحد، لأنه مستلزم لتحليل الحرام وتحريم الحلال. وقد مر الجواب عنه سابقا، ولما فصلوا بين مرحلة إمكان التعبد بخبر الواحد وغيره من الأمارات الغير العلمية وبين مرحلة الوقوع.
وهذا الدليل العقلي المذكور إنما هو في مرحلة الإمكان لا الوقوع، فلذا لم يستدل المنكرون في مرحلة الوقوع إلا بالأدلة الثلاثة ما عدا دليل العقل. والحال أنه لو تم الدليل المذكور ودل على عدم إمكان التعبد بخبر الواحد، بل مطلق الأمارة الغير العلمية لدل على عدم وقوعه، لأنه أخص من الإمكان، ونفي الأعم مستلزم لنفي الأخص بخلاف العكس.
الثاني: الإجماع الذي ادعاه السيد المرتضى ومن تبعه على عدم حجية خبر الواحد، بل جعل السيد عدم جواز العمل بخبر الواحد كعدم جواز العمل بالقياس من ضروريات مذهب الشيعة (1).
وفيه: أن هذا الإجماع لم يكن محصلا لنا، وإنما هو منقول من السيد ومن تبعه. ونقله من السيد أو من قبله وإن لم يمكن رده بأنه مدع وقول المدعي غير مسموع، إذ هذه الدعوى ليست كدعاوى الأملاك في عدم سماع قول مدعي