التخيير خرج منه الأخبار المتعارضة، لقيام الدليل فيها على الرجوع إلى المرجحات المذكورة. وأما في غيرها من الأمارات فلم يثبت الرجوع إلى هذه المرجحات، فلابد من العمل على طبق الأصل الأولي وهو سقوطها عن الحجية بناء على كون حجيتها من باب الطريقية - كما هو الحق - وحينئذ لابد في سائر الأمارات عند التعارض وعدم إمكان الجمع الدلالي إلى الأصل أو العموم حسب اختلاف المقامات، ففي مورد الآية الشريفة إن قلنا بأن لفظة " أنى " في قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) (1) للعموم الزماني بأن كان لفظ " انى " بمعنى متى، فيرجع إلى عموم حلية الوطء بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال، لدلالة الآية على جواز الوطي، في جميع الأزمنة خرج من العموم الزماني زمان وجود الدم يقينا بمقتضى قوله تعالى: (ولا تقربوهن في المحيض...) إلى آخره (2) وبقي الباقي تحت العموم. وإن قلنا بأن لفظة " أنى " بمعنى حيث ولا تدل على العموم الزماني كان المرجع هو الأصل في المقام، أي الاستصحاب على اختلاف بين الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص - كما هو الحق - أو استصحاب حكم العام كما نقل عن بعض (3).
منها: قول اللغوي لا يخفى أنه قد عرفت أن الأمارات والأصول المعمولة في باب الألفاظ إما تعمل في تشخيص مراد المتكلم كأصالة الحقيقة وأصالة العموم والاطلاق ويعبر عنها بالأصول المرادية.
ولا إشكال في حجيتها فيما إذا كان الشك من جهة احتمال وجود القرينة لاستقرار طريقة العقلاء على الأخذ بها، وإن اختلف في أن مرجع تلك الأصول الوجودية إلى أصل عدمي وهي أصالة عدم القرينة، وأنها ليست أصولا متأصلة في قبال الأصول العدمية، أو أنها أصول متأصلة معتبرة عند العقلاء في قبال الأصول العدمية فيرجع إليها عند الشك، ولو مع القطع بعدم القرينة. ولعل الثمرة في هذا