بنحو الحقيقة أو المجاز، فليس بناء العقلاء على التمسك بها، ولا يمكن إثبات الوضع بها إلا على قول السيد (1) ومن تبعه، فتأمل.
وأيضا قد استدل للصحيحي بدعوى القطع بأن كل من اخترع مركبا يخترعه صحيحا، إذ الحكمة الباعثة على الاختراع إنما هي باعثة على اختراعه صحيحا بحيث يترتب عليه الأثر المقصود منه لا الأعم منه ومن الفاسد، وكما أن الحكمة باعثة على اختراعه صحيحا، كذلك تقتضي وضع اللفظ لخصوصه لا للأعم منه ومن الفاسد، لأن الغرض من الوضع إنما هو تفهيم المعنى المخترع في مقام بيان أجزائه وآثاره وكيفية استعماله ونحوها، والشارع غير مستقل عن طريقة أهل العرف في ذلك. وهذا الوجه جعله في التقريرات أحسن الوجوه وأمتنها ومطابقا للوجدان والبرهان.
ولكن فيه أن الحكمة في مقام اختراع المركب تقتضي اختراعه صحيحا، لأنه الذي يترتب عليه الأثر دون الفاسد، وأما الحكمة الباعثة على وضع اللفظ له وهو التفهيم فلا تقتضي وضع اللفظ لخصوصه، إذ كما أن الغرض يتعلق بتفهيم الصحيح قد يتعلق بتفهيم الأعم أو خصوص الفاسد، فبين الحكمتين فرق واضح.
وأما استدلالات الأعمي: فمنها مشتركة كالتبادر، وعدم صحة السلب، وقد مضى الكلام فيهما.
وأما الاستدلالات الخاصة: فمنها الاستدلال بصحة تقسيم الصلاة إلى الصحيحة والفاسدة. ولا ريب أن المقسم لابد أن يكون في تمام الأقسام، إذ التقسيم عبارة عن ضم قيود متخالفة إلى مورد القسمة ليحصل بانضمام كل قيد قسم. والإيراد عليه بما قيل من أن التقسيم يدل على كون اللفظ موضوعا للأعم لو لم يدل دليل على كونه موضوعا للصحيح، وقد عرفت قيام الدليل على كونه موضوعا له مدفوع، بأن عمدة أدلة الصحيحي أمران: التبادر وصحة السلب، وقد عرفت ما فيهما.