باعتبار أجزائه التي لم تقع بعد في الخارج، بخلاف ما لو أريد بالحال الزمان المتصل بزمان النطق الذي هو حال عرفا لا حقيقة.
وفي الجملة الإسمية خصوصية تلائم انطباقها على كل واحد من الأزمنة الثلاثة، فيصح أن يقال: زيد ضارب أمس، أو في الحال، أو غدا. ويؤيد ما ذكرنا من أن للفعل الماضي خصوصية لا يلائم إلا مع الزمان الماضي فيما إذا أسند إلى الزماني، لأن مفهومه تحقق النسبة، وهو لا يلائم انطباقه على غير الماضي إلا فيما فرض متحققا كما في: ﴿إذا وقعت الواقعة﴾ (١) و ﴿فإذا نفخ في الصور﴾ (2) وأمثالهما، وللفعل المضارع خصوصية لا تلائم إلا مع الزمان الحال أو الاستقبال، لأن مفهومه ترقب الحدث، وهو لا يلائم انطباقه على غير الحال أو الاستقبال قولهم بأن المضارع مشترك بين الحال والاستقبال، ولا معنى له إلا ما ذكرنا من أن له خصوصية يصح انطباقه عليهما، إذ لو لم يكن المراد ذلك فلابد إما أن يكون مرادهم الاشتراك اللفظي وأن المضارع وضع لكل واحد من الحال والاستقبال بوضع على حدة غير وضع الآخر، وهو إن كان ممكنا لكنه بعيد في الغاية، ولو التزم به أحد لا مانع منه إلا بعده أو الاشتراك المعنوي، والحال أنه لا جامع بين الحال والاستقبال حتى يكون هو الموضوع ويكون كل واحد منهما مصداقا له.
ويؤيده أيضا أن الزمان الماضي في فعله وزمان الحال أو الاستقبال في المضارع لا يكون ماضيا أو مستقبلا حقيقة، بل بالإضافة كما في قوله: يجيئني زيد بعد عام وقد ضرب قبله بأيام، وقوله: جاء زيد في شهر كذا وهو يضرب في ذلك الوقت أو فيما بعده. ولا يصح ذلك إلا بناء على ما ذكرنا فتأمل.
ثم إنه لما اتضح مما ذكرنا في هذا المقام معاني الأسماء والأفعال فلا بأس بالإشارة إلى معاني الحروف استطرادا وإن تقدم الكلام في بيانها تفصيلا.
وملخصه، أن المعاني الحرفية في عالم الذهن كالعرضيات الخارجية مثل الفوقية وأمثالها، فكما لا وجود لتلك العرضيات إلا بوجود منشأ انتزاعها بخلاف الجواهر