وفيما أخطأ يلزم أحد الأمور على سبيل منع الخلو: من اجتماع الضدين فيما لو أدت الأمارة إلى وجوب شيء وكان حراما واقعا، أو بالعكس. ومن اجتماع المصلحة والمفسدة، ومن الإرادة والكراهة والمحبوبية والمبغوضية. ومن اجتماع الترخيص والإلزام فيما لو أدت الأمارة إلى إباحة شيء وكان واجبا واقعا أو بالعكس. أو الترخيص في الفعل مع المنع من الترك فيما لو أدت الأمارة إلى إباحة شيء وكان حراما واقعا أو بالعكس (هذا بناء على ثبوت أحكام واقعية لموضوعاتها، سواء أدت الأمارة إليها أم لا، وبناء على عدم ثبوت أحكام واقعية وانحصار الأحكام بمؤديات الطرق والأمارات يلزم التصويب الباطل) ومن طلب الضدين فيما إذا أخطأت الأمارة وأدت إلى وجوب ضد الواجب. ومن تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة فيما لو أدت الأمارة إلى عدم وجوب ما هو واجب، أو عدم حرمة ما هو حرام. هذا محصل استدلاله على عدم جواز التعبد بالأمارة الغير العلمية.
ولا بد لمن يجوز التعبد بالأمارة الغير العلمية إما من منع الملازمة، أو منع بطلان اللازم فنقول: بناء على أن المجعول في باب الطرق والأمارات هي الحجية فلا يلزم شيء من الإشكالات المذكورة إلا تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة، لأنه إذا جعل الأمارة حجة وقامت على عدم وجوب شيء وكان واجبا واقعا فيلزم من جعلها حجة تفويت مصلحة الواجب الواقعي، وإذا قامت على عدم حرمة شيء وكان حراما واقعا يلزم القاء المكلف في مفسدة الحرام الواقعي.
وهذا الإشكال ممكن الاندفاع على هذا التقدير - أعنى كون المجعول هي الحجية - لكن الكلام في كون المجعول هي الحجية إمكانا ووقوعا، أما إمكانا فيمكن أن تكون الحجية مثل الولاية والقضاوة والوصاية والزوجية وغيرها من الأمور القابلة للجعل، ويمكن أن تكون مثل السببية ونحوها من الأمور التكوينية الغير القابلة للجعل، إذ السببية أمر ذاتي تكويني غير قابل للجعل التشريعي. ولا يمكن جعل ما ليس بمرشح لشيء تكوينا مرشحا له تشريعا، كما