تقدير عدم الانحلال كان خصوص موارد الأصول النافية مطلقا ولو من مظنونات التكليف محلا للاحتياط فعلا، ويرفع اليد عنه فيها بمقدار رفع العسر أو الاختلال لا محتملات التكليف مطلقا، ولازم هذا هو العمل بالظن في موارد الأصول النافية وكان العمل بالاحتياط فيها موجبا للعسر أو مخلا بالنظام لا العمل بالظن، وأما الرجوع إلى فتوى العالم فلا يكاد يجوز، ضرورة أنه وظيفة الجاهل لا الفاضل الذي يرى خطأ من يدعي انفتاح باب العلم والعلمي.
وأما المقدمة الخامسة: فلاستقلال العقل بها، وأنه لا يجوز التنزل بعد عدم التمكن من الإطاعة العلمية أو عدم وجوبه إلى الإطاعة الشكية والوهمية مع التمكن من الإطاعة الظنية، لأنه ترجيح المرجوح على الراجح، وهو قبيح عقلا لكن عرفت عدم وصول النوبة إلى الإطاعة الاحتمالية مع دوران الأمر بين الإطاعة الظنية والشكية والوهمية حتى يرجح الإطاعة الظنية عليهما، لما تقدم في المقدمة الأولى من انحلال العلم الإجمالي بالتكاليف إلى ما في الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة، ولازمه الاحتياط بالنسبة إليها، ولا محذور فيه من العسر واختلال النظام، كما لا يخفى.
وما تقدم في المقدمة الرابعة من جواز الرجوع إلى الأصول مطلقا ولو كانت نافية لوجود المقتضي وفقد المانع عنه لو كان التكليف في موارد الأصول المثبتة بضميمة ما علم تفصيلا، أو قام عليه دليل علمي بمقدار المعلوم بالإجمال، وإلا فإلى الأصول المثبتة فقط. وحينئذ كان خصوص موارد الأصول النافية محلا لحكومة العقل وترجيح مظنونات التكليف فيها على غيرها ولو بعد استكشاف وجوب الاحتياط في الجملة شرعا بعد عدم وجوب الاحتياط التام عقلا أو شرعا، على ما عرفت. فهذا الدليل لا يفي بإثبات حجية الظن مطلقا بحيث لا يجوز للشارع مطالبة المكلف بأزيد من الامتثال الظني، ولا للمكلف بالاقتصار على ما دونه كما هو معنى الحجية.
وينبغي التنبيه على أمور:
الأول: في أن قضية المقدمات المذكورة على تقدير سلامتها هل هي حجية