خلاف ما ارتكز في أذهان العرف يصير المرتكز العرفي قرينه متصلة صارفة عن ظاهر لسانه، بعد ما كان هو المدار في تشخيص المفهوم، ومن هنا يمكن أن يقال لا وجه للمقابلة بين نظر العرف ولسان الدليل فتأمل.
الثاني: في أنه لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب مع الأمارة المعتبرة في مورده، وإنما الإشكال: في أنه من جهة الورود أو الحكومة أو التوفيق العرفي الحق أنه من باب الورود، وذلك لأن الشك المأخوذ في موضوع الأصول كما يرتفع بالعلم كذلك يرتفع بالدليل العلمي، الذي جعله الشارع بمنزلة العلم، فرفع اليد عن الحالة السابقة بواسطة قيام الأمارة المعتبرة على خلافها ليس نقضا لليقين بالشك، بل باليقين، لكونها يقيني الاعتبار.
والشيخ (قدس سره) جعله من باب حكومة الأمارة عليه والحال أن الضابط الذي ذكره للحكومة وهو كون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرضا لحال الدليل الآخر ورافعا للحكم الثابت به عن بعض أفراد موضوعه فيكون مبينا لمقدار مدلوله، بحيث لو فرض عدم ورود ذلك الدليل كان هذا الدليل لغوا خاليا عن المورد إلى آخره.
لأن الأمارة ليست متعرضة لحال الاستصحاب ومبينة لمقدار مدلوله، بل متعرضة لإثبات مؤداها فقط، ولا يلزم جعلها لغوا على تقدير أن لا يكون استصحاب، كما يلزم ذلك في لا ضرر، ولا حرج، ولا شك لكثير الشك وأمثالها، كما لا يخفى، وسيأتي لهذا مزيد توضيح في باب التعادل إن شاء الله.
وأما الجمع العرفي فإن كان بما ذكرنا من الورود أن العمل بالأمارة في مورد الاستصحاب ليس من نقض اليقين بالشك بل باليقين، فنعم الوفاق، وإن كان بتخصيص دليله بدليل الأمارة.
ففيه: أن العمل بها في مورده ليس نقضا لليقين بالشك، لا أنه نقض يقين بالشك وليس منهيا عنه فتأمل. هذا بيان النسبة بين الاستصحاب والأمارة.
وأما النسبة بين الاستصحاب وسائر الأصول العملية: أما النسبة بينه وبين