رابعها: أنه لا يكون للموجود بوجود واحد إلا ماهية واحدة وحقيقة فاردة لا يقع في جواب السؤال عن ماهيته بما هو إلا تلك الماهية. فالمفهومان المتصادقان على ذلك لا يكاد يكون كل منهما ماهية وحقيقة وكانت عينه في الخارج كما هو شأن الطبيعي وأفراده، فيكون الواحد وجودا واحدا ماهية وذاتا.
إذا عرفت ما مهدناه عرفت أن المجمع حيث كان واحدا وجودا وماهية كان تعلق الأمر والنهي به محالا، للزوم اجتماع الضدين ولو كان تعلقهما به بعنوانين، لما عرفت من كون فعل المكلف بحقيقته وواقعيته الصادرة عنه متعلقا للأحكام لا بعناوينها الطارئة عليه، وأن غائلة اجتماع الضدين فيه لا تكاد ترتفع بكون الأحكام تتعلق بالطبائع لا الأفراد. فإن غاية تقريبه أن يقال: أن الطبائع من حيث هي وإن ليست إلا هي، ولا يتعلق بها الأحكام الشرعية كالآثار العقلية والعادية إلا أنها مقيدة بالوجود بحيث كان القيد خارجا والتقييد داخلا صالحة لتعلق الأحكام ومتعلق الأمر والنهي - على هذا - لا يكون متحدا أصلا لا في مقام البعث والزجر ولا في مقام الإطاعة والعصيان بإتيان المجمع بسوء الاختيار.
أما في المقام الأول: فلتعددهما بما هما متعلقان لهما وإن كانا متحدين فيما هو خارج عنهما بما هما كذلك.
وأما في المقام الثاني: فلسقوط أحدهما بالإطاعة والآخر بالعصيان، ففي أي مقام اجتمع الحكمان؟ وأنت خبير بأنه لا يكاد يجدي بعد ما عرفت من أن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون لا وجودا ولا ماهية ولا تنثلم به وحدته أصلا، وأن الأحكام إنما تتعلق بالمعنون والعنوان إنما يؤخذ بما هو معرف وحاكي عن المعنون. هذا ملخص ما أفاده (قدس سره) في الكفاية (1). فظهر أن مختاره عدم جواز الاجتماع كما يظهر من المشهور أيضا.
وقد استدل على الجواز بأمور:
منها: أنه لو لم يجز اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد لما وقع نظيره في