إلى الجزء المشكوك ينبغي وجوب تحصيل ذلك المقدار من الغرض، فتأمل.
هذا تمام الكلام في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين الخارجيين اللذين يكون لكل منهما وجود مغاير لوجود الآخر في الخارج، ويعبر عنه بالشك في الجزئية، وقد تبين أن مقتضى القاعدة الأولية هو الاشتغال والاحتياط، لأن التكليف يقيني والشك إنما هو في المكلف به، والاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية عما اشتغلت الذمة به، فإن جرت أصالة البراءة العقلية أو النقلية أو كليهما بالنسبة إلى الأكثر فبها تعين ما اشتغلت الذمة به، وتكون مؤمنة عن العقوبة على ترك الجزء الزائد وحاكمة على أصالة الاشتغال، بل واردة عليها، لأن مقتضى القاعدة هو وجوب تفريغ الذمة عما اشتغلت به، وأما أن ما اشتغلت الذمة به أي شيء؟ فلا تعرض له، وأصالة البراءة مقتضاها أن الجزء المشكوك ليس مما اشتغلت به الذمة فلا تعارض بينهما كما في سائر موارد الحكومة والورود، وقد عرفت أن جريان البراءة موقوف على انحلال العلم الإجمالي، فإن تم الانحلال ولم يرد عليه إشكال لزوم الدور واستلزام وجوده عدمه فهو، وإلا فلابد من الاحتياط كالمتباينين.
وينبغي التنبيه على أمور:
الأول: أن صورة دوران الأمر بين الأقل والأكثر التحليلي العقلي كالمشروط وشرطه، كما لو شك في أن الواجب هل هو عتق مطلق الرقبة أو الرقبة المؤمنة؟ أو أن الواجب هي الصلاة أو الصلاة المشروطة بالطهارة ونحوها من الشرائط وكالعام مع خاصه كالحيوان والانسان، كما لو شك في أن الواجب هو الإتيان بالحيوان أو بالانسان هل هي كصورة دوران الأمر بين الأقل والأكثر الخارجيين في جواز الرجوع إلى البراءة بناء على القول بجوازه في الأقل والأكثر الخارجي وعدم جواز الرجوع إليها فيها بناء على عدم جواز الرجوع إلى البراءة؟
وفيه: أن الفرق بين الجزء والشرط - بأن الجزء له وجود مغاير للكل، والشرط وإن كان له وجود مغاير إلا أن المعتبر منه في المشروط هو التقيد المشروط به