عرفي، وهو أنه كلما تحتاج جماعة إلى تعلم علم أو استعلام أمر من مكان بعيد عنهم لابد بمقتضى عادة العقلائية أن يبعثوا إلى ذلك المكان بمقدار الكفاية ليعلموا ذلك العلم أو يستعلموا ذلك الأمر ليحصلوا مقاصدهم بذلك. ويؤيد ذلك التعبير ب " لولا " التحضيضيه الدالة على أن ترك النفر مذموم ولو عندهم أيضا، وهذا إنما يتم بناء على كونها في مقام بيان الأمر العرفي العادي.
فتحصل: أن الآية إنما تدل على حجية قول المجتهد والفقيه للمقلد والعامي لا في مقام بيان حجية قول العادل بما هو عادل، لا بما هو فقيه حتى تصير الآية من أدلة حجية خبر الواحد كما لا يخفى، فتأمل.
ومنها: آية الكتمان وهي قوله تعالى: ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا﴾ (١) الآية.
وتقريب الاستدلال بها أن حرمة الكتمان يستلزم القبول عقلا، وإلا تكون لغوا كما في قوله تعالى: ﴿ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن﴾ (2) حيث تمسكوا بحرمة الكتمان على قبول قولهن بالنسبة إلى ما في الأرحام من الحيض والطهر والحمل فكذلك حرمة كتمان الآيات والبينات يستلزم القبول عقلا، وإلا لزم اللغوية.
ولا يخفى أنه على تقدير تسليم هذه الملازمة لا مجال للإيراد على هذه الآية بما أورد على آية النفر من دعوى الإهمال أو استظهار الإختصاص بما إذا أفاد العلم، فإنه (3) ينافيهما كما لا يخفى. لكنها ممنوعة، فإن اللغوية غير لازمة، لعدم انحصار الفائدة بالقبول تعبدا وإمكان أن تكون حرمة الكتمان لأجل وضوح الحق بسبب كثرة من أفشاه وبينه، لتتم الحجة القاطعة ولئلا تكون للناس على الله الحجة كما هو كذلك في مورد نزول الآية، لأنها وردت في ذم أهل الكتاب ولعنهم على كتمانهم لآيات النبوة وعلائم النبي (صلى الله عليه وآله) مع معرفتهم إياه كما يعرفون أبناءهم، بحيث لو لم يكتموا علائمه من حسبه ونسبه وأخلاقه وأوصافه ومحل نشوئه ونمائه