الجمع بينهما عقلا، أو عدم وجوبه شرعا ليدور الأمر بين ترجيحه وترجيح طرفه.
ولا يكاد يدور الأمر بينهما إلا بمقدمات دليل الانسداد، وإلا كان اللازم هو الرجوع إلى العلم أو العلمي، أو الاحتياط، أو البراءة، أو غيرهما على حسب اختلاف الأشخاص أو الأحوال في اختلاف المقدمات.
والحاصل: أن هذا الدليل ليس دليلا عقليا مستقلا على حجية الظن، وإنما هي عبارة عن المقدمة الأخيرة من مقدمات دليل الانسداد، ولا ينتهي الأمر إليها إلا بعد اثبات المقدمات السابقة.
الثالث: ما عن السيد الطباطبائي (قدس سره) من أنه لا ريب في وجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات، ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط بإتيان كل ما يحتمل الوجوب ولو موهوما، وترك ما يحتمل الحرمة كذلك ولكن مقتضى قاعدة نفي الحرج عدم وجوب ذلك كله، لأنه عسر أكيد وحرج شديد، فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط ونفي الحرج العمل بالاحتياط في المظنونات دون المشكوكات والموهومات، لأن الجمع على غير هذا الوجه بإخراج بعض المظنونات وإدخال بعض المشكوكات والموهومات باطل اجماعا (1).
ولا يخفى ما فيه من القدح والفساد فإنه بعض مقدمات دليل الانسداد ولا ينتج بدون سائر المقدمات، ومعه لا يكون دليل آخر، بل ذاك الدليل.
الرابع: دليل الانسداد، وهو مؤلف من مقدمات يستقل العقل مع تحققها بكفاية الإطاعة الظنية حكومة أو كشفا على ما تعرف، ولا يكاد يستقل بها بدونها، هذا على ما اختاره في الكفاية (2). وأما على مختار الشيخ (3) (قدس سره) فنتيجة المقدمات هو التبعيض في الاحتياط لا حجية الظن.
وكيف كان فهي خمسة.
الأولى: العلم الإجمالي بثبوت تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة.