الباقي، ولكن الإجزاء ليس من جهة اقتضاء الأمر القطعي، بل من جهة خصوصية المتعلق كما في القصر والإتمام والجهر والإخفات، كما أنه لو تعلق الأمر الشرعي الظاهري بكل من القصر والإتمام أو الجهر والإخفات في موضع الآخر لكان إتيانه مجزيا ولكن من جهة خصوصية المتعلق لا من جهة أن الأمر الظاهري مقتضى الإجزاء كما تقدم.
الثاني: أنه لا يذهب عليك أن الإجزاء في بعض موارد الأصول والأمارات على ما عرفت لا يوجب التصويب المجمع على بطلانه، فإن القائلين بالتصويب إنما قالوا به في موارد الاجتهادات والترجيحات والاستحسانات لا في موارد الأصول والأمارات التي قد أخذ الجهل بالحكم الواقعي مأخوذا فيها موضوعا أو موردا فلا يمكن القول بالتصويب وخلو الواقعة عن الحكم الواقعي فيها كما لا يخفى. هذا تمام الكلام في باب الأمر الظاهري.
وأما الكلام في باب تبدل الاجتهاد باجتهاد آخر، أو بالتقليد، أو تبدل التقليد بالاجتهاد، أو بتقليد آخر، فمحل الكلام فيما إذا لم ينكشف فساد الاجتهاد الأول من أصله كأن اعتمد على خبر باعتقاد أنه خبر عدل ثم تبين أنه خبر فاسق مثلا، أو التقليد الأول كأن قلد شخصا بزعم أنه مجتهد عادل ثم تبين الخلاف، وبعبارة أخرى محل الكلام فيما إذا ظفر المكلف بحجة أقوى من الحجة الأولى، مع كون الأولى حجة في ظرفها وعدم فسادها في نفسها، ولا إشكال في وجوب العمل على طبق الحجة الثانية بعد الظفر بها، وإنما الإشكال بالنسبة إلى الأعمال السابقة التي وقعت على طبق الحجة الأولى التي كانت حجة معتبرة قبل الظفر بالحجة الثانية فمقتضى حجية الأولى صحة الأعمال السابقة، ومقتضى حجية الثانية فسادها فيتعارضان بالنسبة إليها.
والحق أن الحجة الثانية من قبيل الناسخ لحجية الأولى من حين الظفر بها لا لأصلها، فمن حين الاطلاع على الثانية ترتفع حجية الأولى لا من أصلها، فتأمل.
هذا مجمل القول في باب تبدل الإجتهاد أو التقليد. وتفصيله موكول إلى محله إن شاء الله تعالى.