لا إشكال في أنه إذا كان التعارض بين الأصول المرادية كما إذا دار الأمر بين التجوز والإضمار أو التخصيص أو الإضمار والتخصيص أو بين الثلاثة: أن المناط هو الظهور العرفي فإذا وقع التعارض بينها بحيث يختلف المعنى المراد باختلافها فيحمل على ما يكون اللفظ ظاهرا فيه بحسب مساعدة الفهم العرفي، وهذا يختلف باختلاف المقامات فربما يحمل على التجوز في مقام، وعلى الإضمار في مقام آخر، وعلى التخصيص في ثالث. وما ذكره (قدس سره) في الكفاية من جعل المدار على الظهور العرفي والأخذ به إنما هو في هذا القسم لا في القسمين الأخيرين.
وأما إذا كان التعارض بين الأصول الوضعية فيؤخذ بما كان أقل مؤنة من الآخر كدوران الأمر (1) فيما بين المجاز والاشتراك، حيث إن المجاز أقل مؤنة من الاشتراك كما قيل (2) وهكذا حيث إنه يكفي في حمل اللفظ على ما كان أقل مؤنة عدم لحاظ العناية الزائدة التي يحتاج إليها الأكثر مؤنة.
وأما الأصول المرادية مع الأصول الوضعية فليس بينها تعارض أصلا، لاختلاف رتبتهما، وعدم ارتباط بينهما.
الأمر التاسع:
- من الأمور التي ذكرها المصنف (قدس سره) (3) في المقدمة - في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه. وقد اختلفوا فيه على أقوال: الثبوت مطلقا، وعدمه مطلقا، والتفصيل في الألفاظ والأزمان.
اعلم أن الحقيقة تنقسم إلى أقسام عديدة حسب تعدد الواضعين، وينسب كل قسم منها إلى واضعه، فالحقيقة اللغوية ما صار اللفظ حقيقة منه بوضع واضع اللغة واستعماله فيه، والعرفية العامة ما صار كذلك باستعمال العرف العام هذا اللفظ في ذلك المعنى وبنائهم على ذلك، والعرفية الخاصة ما صار كذلك ببناء طائفة خاصة