قبيل الدال على الدال، فتدبر.
وإن أبيت إلا عن أن تحتها معاني فليست إلا معاني ايقاعية انشائية، فالحروف وضعت لايقاع الربط وإيجاده بين الطرفين لا للحكاية، فكما أن الربط يمكن ايجاده بغير الألفاظ المستقلة فكذلك يمكن إيجاده بها.
الرابع: في أن اختلاف مبادئ المشتقات في كونها صناعة وحرفة وقوة وملكة وفعليا لا يوجب إختلافا في دلالتها بحسب الهيئة، ولا يوجب تفاوتا في الجهة المبحوث عنها، فإن هيئة المشتق في مثل " الكاتب " بمعنى المتشاغل بالكتابة لا يختلف بحسب الدلالة مع هيئة " الكاتب " بمعنى من له ملكة الكتابة، والخلاف في أنها حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدأ أو للأعم منه ومما انقضى عنه المبدأ جار في كلتيهما وإن كان التلبس بالمبدأ في الا ول هو في خصوص زمان التشاغل، وفي الثاني هو تمام زمان وجوده.
فمحل الخلاف في الأول هو بعد انقضاء التشاغل الفعلي وفي الثاني بعد زوال الملكة، وهذا الفرق إنما نشأ من طرف المادة لا الهيئة، لأن المادة في الأول أخذت فعليا، وفي الثاني ملكة وقوة، فالكاتب إن أخذ من الأول كما يجري فيه النزاع بأنه حقيقة في المتلبس بالمبدأ فعلا وهو المتشاغل بالكتابة أو للأعم منه ومما انقضى، كذلك إن أخذ من الثاني يجري فيه النزاع بأنه حقيقة في المتلبس بالمبدأ فعلا وهو من له ملكة الكتابة فعلا أو للأعم منه ومما انقضى وهو من كانت له تلك الملكة وزالت عنه. وهكذا الكلام في غير الكاتب كالمتكلم والضاحك والتاجر وأمثالها من المشتقات التي يمكن أخذ مبادئها فعلا وملكة.
والمقصود من تقديم هذا الأمر إنما هو الرد على من فصل في محل النزاع بين ما إذا كان اتصاف الذات بالمبدأ أكثريا فيكون المشتق فيه حقيقة في الأعم وبين ما لم يكن كذلك فلا، فإنه لما يخيل أن الكاتب بمعنى من له ملكة الكتابة مأخوذ من الكتابة بمعنى التشاغل بالكتابة وفعلية الكتابة، وهكذا أمثاله من المشتقات المذكورة فصل التفصيل المزبور، والحال أنه توهم فاسد، بل لابد في كل مشتق