كونها كلامية مع كونها أصولية.
ثانيا: لما عرفت من أن علم الأصول ليس كسائر العلوم المدونة، بل هو عبارة عن عده من المسائل المأخوذة عن العلوم المتشتتة التي لها دخل في استنباط الحكم الشرعي، فلا منافاة بين كونها كلامية وكونها [أصولية] كما لا منافاة بين كون مسألة العام والخاص مثلا من مسائل علم المعاني وكونها من مسائل علم الأصول، وأما كونها من مبادئ الأحكامية أو من نفس المسائل الأصولية فالحق أن كل مصنف جعل لتصنيفه مبادئ أحكامية كبعض من سبق على صاحب المعالم أن يذكر هذه المسألة في المبادئ الأحكامية التي هي عبارة عن بيان الحكم الشرعي، وأن حقيقته أي شيء؟ وتقسيمه إلى الحكم التكليفي والوضعي بأقسامهما وبيان آثاره ولوازمه كمسألة مقدمة الواجب ومسألة أن الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده؟ وهذه المسألة؟
وكل مصنف لم يجعل لتصنيفه مبادئ أحكامية كصاحب المعالم ومن تأخر عنه لابد أن يذكر هذه المسألة وأمثالها في نفس المسائل الأصولية وأنظار الأصوليين وسلقهم في تصانيفهم مختلفة، فربما شخص يقتضي نظره وسليقته أن يجعل لتصنيفه مبادئ أحكامية وذكر هذه المسائل فيها، وربما شخص آخر يقتضي نظره وسليقته أن لا يجعل لتصنيفه مبادئ أحكامية فلابد من ذكر هذه المسائل في نفس المسائل الأصولية، كما أن انظار الفقهاء في تصانيفهم أيضا مختلفة فرب شخص يقتضي نظره ذكر الشفعة في باب المعاملات من جهة كونها من توابع البيع وكونها مخصوصة به، ورب شخص يقتضي نظره ذكرها في الأحكام من جهة عدم كونها من العبادات والمعاملات أعني العقود والايقاعات، وكذلك اللقطة أيضا.
الخامس: بناء على كونها من المسائل الأصولية هل هي من المسائل اللفظية أو المسائل العقلية؟
الحق أنها من المسائل العقلية، إذ النزاع ليس في دلالة اللفظ وإنما هو في حكم العقل، وأنه يجوز اجتماع الأمر والنهي في واحد أم لا؟ بلا فرق بين كونهما