شيئا واحدا ولكن يتعدد باعتبار تقطيعه بالقطعات الاعتبارية كاليوم والأسبوع والشهر والسنة، فكل قطعة من تلك القطعات الاعتبارية قبل دخول جزئها الأول وبعد خروج جزئها الآخر تتصف بالعدم وفيما بين الحدين تتصف بالوجود، فاليوم - مثلا - قبل طلوع الفجر أو الشمس معدوم كما أنه كذلك بعد غروب الشمس أو ذهاب الحمرة وفيما بينهما موجود، فإذا حدث الوعد - مثلا - في ساعة أو دقيقة من اليوم وانقضى فالذات - وهو اليوم - باقية، وتلبسهما بالمبدأ قد انقضى فيصير اسم الزمان كإسم المكان في إمكان بقاء الذات مع انقضاء التلبس بالمبدأ.
وفيه: أن اليوم إن لوحظ من أوله إلى آخره شيئا واحدا فبهذا اللحاظ كما أن الذات باقية ما دام اليوم باقيا كذلك التلبس أيضا فعلي، وإن لوحظ كل ساعة أو دقيقة غير الساعة أو الدقيقة الأخرى، فكما أن التلبس بعد الساعة التي كان فيها فعليا قد انقضى وليس فعليا، فالذات أيضا ليست باقية لمغايرة هذه الساعة مع الساعة الأولى كما أن اسم المكان في تلك الجهة كإسم الزمان، فإذا قيل: إن المسجد الفلاني مصلى لزيد فإن لوحظ مجموع المسجد شيئا واحدا يصح هذا الكلام، وإن لوحظ كل نقطة منه غير النقطة الأخرى لا يصح هذا الكلام، بل لابد أن يقال: النقطة الفلانية من المسجد الفلاني مصلى له، مع أنه لو تم هذا الوجه لصح فيما كانت القطعة المفروضة من الزمان أوسع من الفعل الواقع فيها لا مطلقا، كما لا يخفى.
الثالث: أنه قد عرفت أن دائرة النزاع ليست أضيق من المشتقات الجارية على الذوات وما يضاهيها من الجوامد بحيث يكون النزاع مختصا ببعض المشتقات الجارية على الذوات كما توهم بعض (1) ولا أوسع منها بحيث النزاع في المشتقات مطلقا سواء كانت جارية على الذوات أم لا، فالمشتقات الجارية على الذوات كلها داخلة في محل النزاع، والمشتقات الغير الجارية على الذوات كلها خارجة عن محل النزاع. والمناط في الدخول والخروج هو الجري على الذات وعدمه.