____________________
وقد ظهر عليك جوابه مما قررناه، فإن ما في الذمة إن كان موجودا متحققا يمكن قبضه وتسليمه فبيعه وهبته صحيحان، لحصول الشرط والقدرة على القبض.
ولا يقدح في الفرق استحقاق المبيع من دون القبض دون الهبة، لأنا نحكم بصحة الهبة حينئذ إلا بعد القبض، كما لا نحكم بصحتها لو تعلقت بعين خاصة إلا بعد قبضها، لكن نقول: إن القبض لما كان ممكنا بقبض بعض أفراد الماهية التي جوزتم بيعها كذلك جاز هبتها، وتوقفت صحتها على حصول قبضها على ذلك الوجه. ولا شبهة في أن الدين مملوك للواهب قبل قبضه، وقبضه ممكن على الوجه المذكور، فصحت هبته وتوقفت على قبضه كما توقفت لو كان عينا.
وبهذا يظهر أنه لا يمتنع نقله إلى ملك المتهب حين هو دين، لأنه مملوك له وإلا لما صح له بيعه وغيره من المعاوضات، وقبض الواهب ما أحدث له الملك بل التعيين، فأمكن تقديم انشاء الهبة عليه ولم يكن كهبة ما سيملكه. فظهر أن الصحة متوجهة وإن كان جانب البطلان أيضا وجيها من حيث إنه المشهور ولشبهة ما ذكر.
الثانية: أن يهب الدين لمن هو عليه. وقد قطع المصنف وغيره (1) بصحته في الجملة ونزل الهبة منزلة الابراء، فإنه اسقاط لما في الذمة فلا يفتقر إلى قبض، ولا يجري فيه الشبهة. وابراء المديون لا اشكال في صحته، وظاهرهم أنه لا ينحصر في لفظ، بل ما دل عليه، والهبة هنا يدل عليه، وقد جوزه في باب (2) الجنايات بلفظ " العفو " وأطلقه الله تعالى في الآية أيضا في قوله تعالى: " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " (3) على تقدير كونه دينا. وينبغي على هذا جوازه بلفظ الاسقاط بطريق أولى، لأنه أقرب إلى معناه من الهبة التي متعلقها ما يمكن قبضه شرعا، وهذا
ولا يقدح في الفرق استحقاق المبيع من دون القبض دون الهبة، لأنا نحكم بصحة الهبة حينئذ إلا بعد القبض، كما لا نحكم بصحتها لو تعلقت بعين خاصة إلا بعد قبضها، لكن نقول: إن القبض لما كان ممكنا بقبض بعض أفراد الماهية التي جوزتم بيعها كذلك جاز هبتها، وتوقفت صحتها على حصول قبضها على ذلك الوجه. ولا شبهة في أن الدين مملوك للواهب قبل قبضه، وقبضه ممكن على الوجه المذكور، فصحت هبته وتوقفت على قبضه كما توقفت لو كان عينا.
وبهذا يظهر أنه لا يمتنع نقله إلى ملك المتهب حين هو دين، لأنه مملوك له وإلا لما صح له بيعه وغيره من المعاوضات، وقبض الواهب ما أحدث له الملك بل التعيين، فأمكن تقديم انشاء الهبة عليه ولم يكن كهبة ما سيملكه. فظهر أن الصحة متوجهة وإن كان جانب البطلان أيضا وجيها من حيث إنه المشهور ولشبهة ما ذكر.
الثانية: أن يهب الدين لمن هو عليه. وقد قطع المصنف وغيره (1) بصحته في الجملة ونزل الهبة منزلة الابراء، فإنه اسقاط لما في الذمة فلا يفتقر إلى قبض، ولا يجري فيه الشبهة. وابراء المديون لا اشكال في صحته، وظاهرهم أنه لا ينحصر في لفظ، بل ما دل عليه، والهبة هنا يدل عليه، وقد جوزه في باب (2) الجنايات بلفظ " العفو " وأطلقه الله تعالى في الآية أيضا في قوله تعالى: " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " (3) على تقدير كونه دينا. وينبغي على هذا جوازه بلفظ الاسقاط بطريق أولى، لأنه أقرب إلى معناه من الهبة التي متعلقها ما يمكن قبضه شرعا، وهذا