القائلين بأن إمامة الصبي لا تصح حديث: رفع القلم عن ثلاثة ورد بأن رفع القلم لا يستلزم عدم الصحة، ومن جملتها أن صلاته غير صحيحة، لأن الصحة معناها موافقة الامر والصبي غير مأمور، ورد بمنع أن ذلك معناها، بل معناها استجماع الأركان وشروط الصحة، ولا دليل على أن التكليف منها، ومن جملتها أيضا أن العدالة شرط لما مر، والصبي غير عدل، ورد بأن العدالة نقيض الفسق وهو غير فاسق، لأن الفسق فرع تعلق الطلب ولا تعلق، وانتفاء كون صلاته واجبة عليه لا يستلزم عدم صحة إمامته لما سيأتي من صحة صلاة المفترض خلف المتنفل.
باب اقتداء المقيم بالمسافر عن عمران بن حصين قال: ما سافر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سفرا إلا صلى ركعتين حتى يرجع، وإنه أقام بمكة زمن الفتح ثمان عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم يقول: يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا قوم سفر رواه أحمد. وعن عمر: أنه كان إذ قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم قال: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر رواه مالك في الموطأ.
حديث عمران أخرجه أيضا الترمذي وحسنه، والبيهقي وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، وإنما حسن الترمذي حديثه لشواهده كما قال الحافظ. وأثر عمر رجال إسناده أئمة ثقات. قوله: ما سافر رسول الله (ص) الخ، سيأتي الكلام عليه في أبواب صلاة المسافر. قوله: ثمان عشرة ليلة وقد روي أقل من ذلك، وقد روي أكثر، وسيأتي بيان الاختلاف وكيفية الجمع بين الروايات في باب من أقام لقضاء حاجته. (والحديث) يدل على جواز ائتمام المقيم بالمسافر، وهو مجمع عليه كما في البحر، واختلف في العكس، فذهب الهادي والقاسم وأبو طالب وأبو العباس وطاوس وداود والشعبي والامامية إلى عدم الصحة لقوله (ص): لا تختلفوا على إمامكم. وقد خالف في العدد والنية. وذهب زيد بن علي والمؤيد بالله والباقر وأحمد بن عيسى والشافعية والحنفية إلى الصحة، إذ لم تفصل أدلة الجماعة، وقد خصصت الهادوية عدم صحة صلاة المسافر خلف المقيم بالركعتين الأوليين من الرباعية، وقالوا بصحتها في الآخرتين، ويدل للجواز مطلقا ما أخرجه أحمد