وعن ربيعة بن كعب قال: كنت أبيت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم آتيه بوضوئه وحاجته، فقال: سلني، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك، فقلت: هو ذاك، فقال: أعني على نفسك بكثرة السجود رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود.
قوله: سلني فيه جواز قول الرجل لاتباعه ومن يتولى خدمته: سلوني حوائجكم.
قوله: مرافقتك فيه دليل على أن من الناس من يكون مع الأنبياء في الجنة. وفيه أيضا جواز سؤال الرتب الرفيعة التي تكبر عن السائل. قوله: أعني على نفسك بكثرة السجود فيه أن السجود من أعظم القرب التي يكون بسببها ارتفاع الدرجات عند الله إلى حد لا يناله إلا المقربون، وبه أيضا استدل من قال: إن السجود أفضل من القيام كما تقدم.
وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أفضل الصلاة طول القنوت رواه أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي وصححه.
وفي الباب عن عبد الله بن حبشي عند أبي داود والنسائي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان لا شك فيه الحديث. وفيه: فأي الصلاة أفضل؟
قال: طول القنوت وعن أبي ذر عند أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل. قال فيه: فأي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت. قوله: طول القنوت هو يطلق بإزاء معان قد قدمنا ذكرها، والمراد هنا طول القيام، قال النووي باتفاق العلماء: ويدل على ذلك تصريح أبي داود في حديث عبد الله بن حبشي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: طول القيام. (والحديث) يدل على أن القيام أفضل من السجود والركوع وغيرهما، وإلى ذلك ذهب جماعة منهم الشافعي كما تقدم وهو الظاهر، ولا يعارض حديث الباب وما في معناه الأحاديث المتقدمة في فضل السجود، لأن صيغة أفعل الدالة على التفضيل إنما وردت في فضل طول القيام، ولا يلزم من فضل الركوع والسجود أفضليتهما على طول القيام. وأما حديث:
ما تقرب العبد إلى الله بأفضل من سجود خفي، فإنه لا يصح لارساله كما قال العراقي، ولان في إسناده أبا بكر بن أبي مريم وهو ضعيف، وكذلك أيضا لا يلزم من كون العبد أقرب إلى ربه حال سجوده بأفضليته على القيام، لأن ذلك إنما هو باعتبار إجابة الدعاء. قال العراقي: الظاهر أن أحاديث أفضلية طول القيام محمولة على صلاة النفل