المثير بأن قوله: لم يرجع بشئ يستلزم أن يرجع بنفسه ولا بد انتهى. قال الحافظ: وهو تعقب مردود، فإن قوله: لم يرجع بشئ نكرة في سياق النفي فتعم ما ذكره. وقد وقع فرواية الطيالسي وغندر وغيرهما عن شعبة، وكذا في أكثر الروايات فلم يرجع من ذلك بشئ، قال: والحاصل أن نفي الرجوع بالشئ لا يستلزم إثبات الرجوع بغير شئ بل هو على الاحتمال كما قال ابن بطال انتهى. ومبنى هذا الاختلاف على توجيه النفس المذكور إلى القيد فقط كما هو الغالب، فيكون هو المنتفي دون الرجوع الذي هو المقيد أو توجيهه إلى القيد والمقيد فينتفيان معا. ويدل على الثاني ما عند ابن أبي عوانة بلفظ: إلا من عقر جواده وأهريق دمه. وفي رواية له: إلا من لا يرجع بنفسه ولا ماله. وفي حديث جابر: إلا من عفر وجهه التراب. (والحديث) فيه تفضيل أيام العشر على غيرها من السنة، وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر بصيام أفضل الأيام، وقد تقدم الجمع بين حديث أبي هريرة عند مسلم: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة وبين الأحاديث الدالة على أن غيره أفضل منه. (والحكمة) في تخصيص عشر ذي الحجة بهذه المزية اجتماع أمهات العبادة فيها الحج والصدقة والصيام والصلاة، ولا يتأتى ذلك في غيرها، وعلى هذا هل يختص الفضل بالحاج أو يعم المقيم فيه احتمال. وقال ابن بطال: المراد بالعمل في أيام التشريق التكبير فقط، لأنه ثبت أنها أيام أكل وشرب وبعال. وثبت تحريم صومها، وورد فيها إباحة اللهو بالحراب ونحو ذلك، فدل على تفريغها لذلك مع الحض على الذكر، والمشروع منه فيها التكبير فقط، وتعقبه الزين بأن العمل إنما يفهم منه عند الاطلاق العبادة وهي لا تنافي استيفاء حظ النفس من الاكل وسائر ما ذكر، فإن ذلك يستغرق اليوم والليلة. وقال الكرماني: الحث على العمل في أيام التشريق لا ينحصر في التكبير، بل المتبادر إلى الذهن منه أنه المناسك من الرمي وغيره الذي يجتمع مع الأكل والشرب انتهى. والذي يجتمع مع الأكل والشرب لكل أحد من العبادة الزائدة على مفروضات اليوم والليلة هو الذكر المأمور به، وقد فسر بالتكبير كما قال ابن بطال. وأما المناسك فمختصة بالحاج. ويؤيد ذلك ما وقع في حديث ابن عمر المذكور في الباب من الامر بالاكثار فيها من التهليل والتكبير. وفي البيهقي من حديث ابن عباس فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير ووقع من الزيادة في حديث ابن عباس:
وإن صيام يوم منها يعدل صيام سنة والعمل بسبعمائة ضعف. وللترمذي عن أبي هريرة:
يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة فيها بقيام ليلة القدر لكن إسناده