وروي عن مالك أنه قال: لا يتطوع في المصلى قبلها ولا بعدها، وله في المسجد روايتان.
وقال الزهري: لم أسمع أحدا من علمائنا يذكر أن أحدا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها. قال ابن قدامة: وهو إجماع كما ذكرنا عن الزهري وعن غيره انتهى. ويرد دعوى الاجماع ما حكاه الترمذي عن طائفة من أهل العلم من الصحابة وغيرهم أنهم رأوا جواز الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، وروى ذلك العراقي عن أنس بن مالك، وبريدة بن الحصيب، ورافع ابن خديج، وسهل بن سعد، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبي بزرة، قال: وبه قال من التابعين: إبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، والأسود بن يزيد، وجابر بن زيد، والحسن البصري، وأخوه سعيد بن أبي الحسن، وسعيد بن المسيب، وصفوان بن محرز، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعروة بن الزبير، وعلقمة، والقاسم بن محمد، ومحمد بن سيرين، ومكحول، وأبو بردة، ثم ذكر من روى ذلك عن الصحابة المذكورين من أئمة الحديث قال: وأما أقوال التابعين فرواها ابن أبي شيبة وبعضها في المعرفة للبيهقي انتهى. ومما يدل على فساد دعوى ذلك الاجماع ما رواه ابن المنذر عن أحمد أنه قال: الكوفيون يصلون بعدها لا قبلها، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها، والمدنيون لا قبلها ولا بعدها. قال في الفتح: وبالأول قال الأوزاعي والثوري والحنفية، وبالثاني قال الحسن البصري وجماعة، وبالثالث قال الزهري وابن جريج وأحمد، وأما مالك فمنعه في المصلى، وعنه في المسجد روايتان انتهى. وحمل الشافعي أحاديث الباب على الإمام قال: فلا يتنفل قبلها ولا بعدها، وأما المأموم فمخالف له في ذلك، نقل ذلك عنه البيهقي في المعرفة وهو نصه في الام. وقال النووي في شرح مسلم: قال الشافعي وجماعة من السلف: لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها، قال الحافظ: إن حمل كلامه على المأموم وإلا فهو مخالف لنص الشافعي. وقد أجاب القائلون بعدم كراهة الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها عن أحاديث الباب بأجوبة منها جواب الشافعي المتقدم. ومنها ما قاله العراقي في شرح الترمذي من أنه ليس فيها نهي عن الصلاة في هذه الأوقات، ولكن لما كان صلى الله عليه وآله وسلم يتأخر مجيئه إلى الوقت الذي يصلي بهم فيه ويرجع عقب الخطبة روى عنه من روى من أصحابه أنه كان لا يصلي قبلها ولا بعدها، ولا يلزم من تركه لذلك لاشتغاله بما هو مشروع في حقه من التأخر إلى وقت الصلاة أن غيره لا يشرع ذلك له ولا يستحب، فقد روى عنه غير واحد من الصحابة أنه صلى الله