دليل عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها، وقد قالت عائشة: كنت أطيب رسول الله صل الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف ومعلوم أنه (ص) لم يحج بعد أن صحبته عائشة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع، قال: ولا يقال لعلها طيبته في إحرامه بعمرة، لأن المعتمر لا يحل له الطيب قبل الطواف بالاجماع، فثبت أنها استعملت كان في مرة واحدة، قال:
وإنما تأولنا حديث الركعتين لأن الروايات المشهورة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته (ص) في الليل كانت وترا، وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مشهورة بالامر بجعل آخر صلاة الليل وترا، فكيف يظن به (ص) مع هذه الأحاديث وأشباهها أن يداوم على ركعتين بعد الوتر، ويجعلهما آخر صلاة الليل، قال: وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة ورد رواية الركعتين فليس بصواب، لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن الجمع بينها تعين، وقد جمعنا بينها ولله الحمد اه. وأقول):
أما الأحاديث التي فيها الامر للأمة بأن يجعلوا آخر صلاة الليل وترا فلا معارضة بينها وبين فعله (ص) للركعتين بعد الوتر، لما تقرر في الأصول أن فعله (ص) لا يعارض القول الخاص بالأمة، فلا معنى للاستنكار، وأما أحاديث أنه كان آخر صلاته (ص) من الليل وترا فليس فيها ما يدل على الدوام، لما قرره من عدم دلالة لفظ كان عليه، فطريق الجمع باعتباره صلى الله عليه وآله وسلم أن يقال إنه كان يصلي الركعتين بعد الوتر تارة ويدعهما تارة، وأما باعتبار الأمة فغير محتاج إلى الجمع، لما عرفت من أن الأوامر بجعل آخر صلاة الليل وترا مختصة بهم، وأن فعله (ص) لا يعارض ذلك. قال ابن القيم في الهدى: وقد أشكل هذا يعني حديث الركعتين بعد الوتر على كثير من الناس، فظنوه معارضا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. ثم حكى عن مالك وأحمد ما تقدم، وحكى عن طائفة ما قدمنا عن النووي ثم قال: والصواب أن يقال: إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة وتكميل الوتر، فإن الوتر عبادة مستقلة، ولا سيما إن قيل بوجوبه فتجري الركعتين بعده مجرى سنة المغرب من المغرب فإنها وتر النهار، والركعتان بعدها تكميل لها، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل والله أعلم اه. والظاهر ما قدمنا من اختصاص ذلك به صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ورد فعله صلى الله عليه وآله وسلم لهاتين الركعتين بعد الوتر من طريق أم سلمة عند أحمد في المسند ومن طريق غيرها، قال الترمذي: روى نحو هذا عن أبي أمامة وعائشة وغير واحد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفي المسند أيضا