عائشة عند الطبراني في الأوسط بلفظ: ثلاث هن علي فريضة وهن لكم سنة: الوتر والسواك وقيام الليل واعلم أن هذه الأحاديث فيها ما يدل على الوجوب كقوله: فليس منا.
وقوله: الوتر حق. وقوله: أوتروا وحافظوا. وقوله: الوتر واجب. وفيها ما يدل على عدم الوجوب وهو بقية أحاديث الباب، فتكون صارفة لما يشعر بالوجوب. وأما حديث: الوتر واجب.
فلو كان صحيحا لكان مشكلا لما عرفناك في باب غسل يوم الجمعة، من أن التصريح بالوجوب لا يصح أن يقال: إنه مصروف إلى غيره، بخلاف بقية الألفاظ المشعرة بالوجوب.
(وقد ذهب الجمهور) إلى أن الوتر غير واجب بل سنة، وخالفهم أبو حنيفة فقال: إنه واجب، وروي عنه فرض وتمسك بما عرفت من الأدلة الدالة على الوجوب، وأجاب عليه الجمهور بما تقدم. قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا وافق أبا حنيفة في هذا، وأورد المصنف في الباب حديث ابن عمر: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أوتر على بعيره للاستدلال به على عدم الوجوب، لأن الفريضة لا تصلى على الراحلة، وكذلك إيراده حديث أبي أيوب للاستدلال بما فيه من التخيير على عدم الوجوب، وهو إنما يدل على عدم وجوب أحدها على التعيين لا على عدم الوجوب مطلقا، ويمكن أنه أورده للاستدلال به على الوجوب لقوله فيه حق. ومن الأدلة الدالة على عدم وجوب الوتر ما اتفق عليه الشيخان من حديث طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أهل نجد الحديث وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع. وروى الشيخان أيضا من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذا إلى اليمن الحديث. وفيه:
فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة. وهذا من أحسن ما يستدل به، لأن بعث معاذ كان قبل وفاته صلى الله عليه وآله وسلم بيسير. (وأجاب الجمهور) أيضا عن أحاديث الباب المشعرة بالوجوب بأن أكثرها ضعيف، وهو حديث أبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وبريدة، وسليمان بن صرد، وابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وابن أبي أوفى، وعقبة بن عامر، ومعاذ بن جبل، كذا قال العراقي. وبقيتها لا يثبت بها المطلوب، لا سيما مع قيام ما أسلفناه من الأدلة الدالة على عدم الوجوب.