رجلا فنزلت هذه الآية: * (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) * (الجمعة: 11) رواه أحمد والبخاري.
قوله: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخطب قائما ظاهره أن الانفضاض وقع حال الخطبة وظاهر قوله في الرواية الأخرى: ونحن نصلي مع النبي (ص) أن الانفضاض وقع بعد دخولهم في الصلاة. ويؤيد الرواية الأولى ما عند أبي عوانة من طريق عباد بن العوام، وعند ابن حميد من طريق سليمان بن كثير، كلاهما عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بلفظ: يخطب وكذا وقع في حديث ابن عباس عند البزار. وفي حديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط. وفي مرسل قتادة عند الطبراني وغيره، وعلى هذا فقوله: نصلي أي ننتظر الصلاة، وكذا يحمل قوله: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة كما وقع في مستخرج أبي نعيم، على أن المراد بقوله في الصلاة أي في الخطبة، وهو من تسمية الشئ باسم ما يقارنه، وبهذا يجمع بين الروايات. ويؤيده استدلال ابن مسعود على القيام في الخطبة بالآية المذكورة كما أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح. وكذلك استدلال كعب بن عجرة كما في صحيح مسلم على ذلك. قوله: فجاءت عير من الشام العير بكسر العين الإبل التي تحمل التجارة طعاما كانت أو غيره، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، ولابن مردويه عن ابن عباس: جاءت عير لعبد الرحمن بن عوف ووقع عند الطبراني عن أبي مالك أن الذي قدم بها من الشام دحية بن خليفة الكلبي، وكذلك في حديث ابن عباس عند البزار، وجمع بين الروايتين بأن التجارة كانت لعبد الرحمن، وكان دحية السفير فيها أو كان مقارضا وقع. وفي رواية ابن وهب عن الليث أنها كانت لوبرة الكلبي، ويجمع بأنه كان رفيق دحية. قوله: فانفتل الناس إليها وفي الرواية الأخرى: فانفض الناس إليها وهو موافق للفظ القرآن. وفي رواية للبخاري: فالتفتوا إليها والمراد بالانفتال والالتفات الانصراف، يدل على ذلك رواية فانفض. وفيه رد على من حمل الالتفات على ظاهره وقال: لا يفهم منه الانصراف عن الصلاة وقطعها، وإنما يفهم منه التفاتهم بوجوههم أو بقلوبهم، وأيضا لو كان الالتفات على ظاهره لما وقع الانكار الشديد لأنه لا ينافي الاستماع للخطبة.
قوله: إلا اثنا عشر رجلا قال الكرماني: ليس هذا الاستثناء مفرغا فيجب رفعه، بل هو من ضمير لم يبق العائد إلى الناس فيجوز فيه الرفع والنصب، قال: وثبت الرفع في بعض الروايات. ووقع عند الطبراني إلا أربعين رجلا وقال: تفرد به علي بن عاصم وهو ضعيف الحفظ، وخالفه أصحاب حصين كلهم. ووقع عند ابن مردويه من رواية