صلاة ركعتي الفجر إلى أن يؤذن بالصلاة، كما في صحيح البخاري من حديث عائشة، وقد اختلف في حكم هذا الاضطجاع على ستة أقوال: الأول أنه مشروع على سبيل الاستحباب، قال العراقي: فمن كان يفعل ذلك أو يفتي به من الصحابة أبو موسى الأشعري ورافع بن خديج وأنس بن مالك وأبو هريرة. واختلف فيه على ابن عمر فروى عنه فعل ذلك، كما ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه، وروى عنه إنكاره كما سيأتي. وممن قال به من التابعين ابن سيرين وعروة وبقية الفقهاء السبعة، كما حكاه عبد الرحمن بن زيد في كتاب السبعة وهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار.
قال ابن حزم: وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عثمان بن غياث هو ابن عثمان أنه حدثه قال: كان الرجل يجئ وعمر بن الخطاب يصلي بالناس فيصلي ركعتين في مؤخر المسجد ويضع جنبه في الأرض ويدخل معه في الصلاة. وممن قال باستحباب ذلك من الأئمة الشافعي وأصحابه. القول الثاني: أن الاضطجاع بعدهما واجب مفترض لا بد من الاتيان به، وهو قول أبي محمد بن حزم، واستدل بحديث أبي هريرة المذكور، وحمله الأولون على الاستحباب لقول عائشة: فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع وظاهره أنه كان لا يضطجع مع استيقاظها، فكان ذلك قرينة لصرف الامر إلى الندب، وفيه أن تركه صلى الله عليه وآله وسلم لما أمر به أمرا خاصا بالأمة لا يعارض ذلك الامر الخاص، ولا يصرفه عن حقيقته كما تقرر في الأصول. القول الثالث: أن ذلك مكروه وبدعة، وممن قال به من الصحابة ابن مسعود، وابن عمر على اختلاف عنه، فروى ابن أبي شيبة في المصنف من رواية إبراهيم قال: قال ابن مسعود: ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة أو الحمار إذا سلم فقد فصل. وروى ابن أبي شيبة أيضا من رواية مجاهد قال: صحبت ابن عمر في السفر والحضر فما رأيته اضطجع بعد ركعتي الفجر. وروى سعيد بن المسيب عنه أنه رأى رجلا يضطجع بعد الركعتين فقال: أحصبوه. وروى أبو مجلز عنه أنه قال: إن ذلك من تلعب الشيطان. وفي رواية زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عنه أنه قال: إنها بدعة، ذكر ذلك جميعه ابن أبي شيبة. وممن كره ذلك من التابعين الأسود بن يزيد، وإبراهيم النخعي وقال: هي ضجعة الشيطان، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير. ومن الأئمة مالك، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء. القول الرابع: أنه