أنه كان يوجب الطيب يوم الجمعة، وبه قال بعض أهل الظاهر، وبأنه لا يمتنع عطف ما ليس بواجب على الواجب كما قال ابن الجوزي، وقد تقدم بسط الكلام على ذلك في أبواب الغسل.
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يروح إلى المسجد، ويفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت للامام إذا تكلم، إلا غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة الأخرى رواه أحمد والبخاري.
قوله: ويتطهر بما استطاع من طهر في رواية الكشميهني: من طهره والمراد المبالغة في التنظيف، ويؤخذ من عطف على يغتسل أن إفاضة الماء تكفي في حصول الغسل. قال في الفتح: المراد بالغسل غسل الجسد وبالتطهر غسل الرأس. قوله: ويدهن المراد به إزالة شعث الشعر به، وفيه إشارة إلى التزين يوم الجمعة. قوله: أو يمس من طيب بيته أي إن لم يجد دهنا. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون أو بمعنى الواو وإضافته إلى البيت تؤذن بأن السنة أن يتخذ المرء لنفسه طيبا، ويجعل استعماله له عادة فيدخره في البيت، وهذا مبني على أن المراد بالبيت حقيقته، لكن في حديث عبد الله بن عمر عند أبي داود: أو يمس من طيب امرأته. والمعنى على هذا أن من لم يتخذ لنفسه طيبا فليستعمل من طيب امرأته. وعند مسلم من حديث أبي سعيد بلفظ: ولو من طيب المرأة وفيه أن المراد بالبيت في الحديث امرأة الرجل. قوله: ثم يروح إلى المسجد في رواية للبخاري: ثم يخرج. وفي رواية لأحمد: ثم يمشي وعليه السكينة زاد ابن خزيمة: إلى المسجد. قوله: ولا يفرق بين اثنين وفي حديث ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد: ثم لم يتخط رقاب الناس وفي حديث أبي الدرداء: ولم يتخط أحدا ولم يؤذه وفيه كراهة التفريق، وتخطي الرقاب وأذية المصلين، قال الشافعي : أكره التخطي إلا لمن لا يجد السبيل إلى المصلى إلا بذلك انتهى. قال في الفتح: وهذا يدخل فيه الامام ومن يريد وصل الصف المنقطع إن أبى السابق من ذلك، ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة، واستثنى المتولي من الشافعية من يكون معظما لدينه وعلمه إذا ألف مكانا يجلس فيه وهو تخصيص بدون مخصص، ويمكن أن