له اصطلاح يخالفهم، ولا يجوز حمله على المتعارف في لسان المتشرعة الحادث بعد عصره إلا أنه يعكر على هذا حديث جابر المصرح بأن يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، فإنه تصريح منه باعتبار الساعات الفلكية، ويمكن التفصي عنه بأن مجرد جريان ذلك على لسانه صلى الله عليه وآله وسلم لا يستلزم أن يكون اصطلاحا له تجري عليه خطاباته. ومما يشكل على اعتبار الساعات الفلكية وحمل كلام الشارع عليها استلزامه صحة صلاة الجمعة قبل الزوال، ووجه ذلك أن تقسيم الساعات إلى خمس ثم تعقيبها بخروج الامام وخروجه عند أول وقت الجمعة يقتضي أنه يخرج في أول الساعة السادسة وهي قبل الزوال، وقد أجاب صاحب الفتح عن هذا الاشكال فقال: إنه ليس في شئ من طرق الحديث ذكر الاتيان من أول النهار، فلعل الساعة الأولى منه جعلت للتأهب بالاغتسال وغيره ويكون مبدأ المجئ من أول الثانية، فهي أولى بالنسبة إلى المجئ ثانية بالنسبة إلى النهار، قال: وعلى هذا فآخر الخامسة أول الزوال فيرتفع الاشكال، وإلى هذا أشار الصيدلاني فقال: إن أول التبكير يكون من ارتفاع النهار وهو أول الضحى وهو أول الهاجرة، قال: ويؤيده الحث على التهجير إلى الجمعة، ولغيره من الشافعية في ذلك وجهان: أحدهما أن أول التبكير طلوع الشمس، والثاني طلوع الفجر، قال: ويحتمل أن يكون ذكر الساعة السادسة ثابتا، كما وقع في رواية ابن عجلان عن سمي عند النسائي من طريق الليث عنه بزيادة مرتبة بين الدجاجة والبيضة وهي العصفور، وتابعه صفوان بن عيسى عن ابن عجلان، أخرجه محمد ابن عبد السلام، وله شاهد من حديث أبي سعيد أخرجه حميد بن زنجويه في الترغيب له بلفظ: فكمهدي البدنة إلى البقرة إلى الشاة إلى الطير إلى العصفور الحديث ونحوه في مرسل طاوس عند سعيد بن منصور، وقع أيضا في حديث الزهري من رواية عبد الأعلى عن معمر عند النسائي زيادة البطة بين الكبش والدجاجة، لكن خالفه عبد الرزاق وهو أثبت منه في معمر، وعلى هذا فخروج الامام يكون عند انتهاء السادسة.
قوله: دجاجة بالفتح ويجوز الكسر وحكى بعضهم جواز الضم. (والحديث) يدل على مشروعية الاغتسال يوم الجمعة، وقد تقدم الكلام عليه وعلى فضيلة التبكير إليها. قال المصنف رحمه الله تعالى: وفيه دليل على أن أفضل الهدي الإبل ثم البقر ثم الغنم، وقد تمسك به من أجاز الجمعة في الساعة السادسة، ومن قال: إنه إذا نذر هديا مطلقا أجزأه إهداء أي مال كان انتهى.