قال باشتراط الخمسين فمستنده ما أخرجه الطبراني في الكبير والدارقطني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الجمعة على الخمسين رجلا وليس على ما دون الخمسين جمعة قال السيوطي: لكنه ضعيف، ومع ضعفه فهو محتمل للتأويل، لأن ظاهره أن هذا العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة، فلا يلزم من عدم وجوبها على ما دون الخمسين عدم صحتها منهم. وأما اشتراط جمع كثير من دون تقييد بعدد مخصوص فمستنده أن الجمعة شعار، وهو لا يحصل إلا بكثرة تغيظ أعداء المؤمنين، وفيه أن كونها شعارا لا يستلزم أن ينتفي وجوبها بانتفاء العدد الذي يحصل به ذلك، على أن الطلب لها من العباد كتابا وسنة مطلق عن اعتبار الشعار فما الدليل على اعتباره؟ وكتبه صلى الله عليه وآله وسلم إلى مصعب بن عمير أن ينظر اليوم الذي يجهر فيه اليهود بالزبور فيجمع النساء والأبناء، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة تقربوا إلى الله تعالى بركعتين، كما أخرجه الدارقطني من حديث ابن عباس غاية ما فيه أن ذلك سبب أصل المشروعية، وليس فيه أنه معتبر في الوجوب، فلا يصلح للتمسك به على اعتبار عدد يحصل به الشعار، وإلا لزم قصر مشروعية الجمعة على بلد تشارك المسلمين في سكونه اليهود وإنه باطل، على أنه يعارض حديث ابن عباس المذكور ما تقدم عن ابن سيرين في بيان السبب في اعتراض الجمعة، وليس فيه إلا أنه كان اجتماعهم لذكر الله تعالى وشكره، وهو حاصل من القليل والكثير بل من الواحد، لولا ما قدمنا من أن الجمعة يعتبر فيها الاجتماع وهو لا يحصل بواحد، وأما الاثنان فبانضمام أحدهما إلى الآخر يحصل الاجتماع، وقد أطلق الشارع اسم الجماعة عليهما فقال: الاثنان فما فوقهما جماعة، كما تقدم في أبواب الجماعة، وقد انعقدت سائر الصلوات بهما بالاجماع، والجمعة صلاة فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل، ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر في غيرها. وقد قال عبد الحق: إنه لا يثبت في عدد الجمعة حديث، وكذلك قال السيوطي:
لم يثبت في شئ من الأحاديث تعيين عدد مخصوص.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أول جمعة جمعت بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد عبد القيس بجواثي من البحرين رواه البخاري وأبو داود. وقال: بجواثي قرية من قرى البحرين.
قوله: أول جمعة جمعت زاد أبو داود: في الاسلام. قوله: في مسجد رسول