أي إذا ثبت لكم ما هو أولى بكم فما أدركتم فصلوا. قال في الفتح: أو التقدير إذا فعلتم فما أدركتم فصلوا، أي فعلتم الذي آمركم به من السكينة وترك الاسراع. قوله: وما فاتكم فأتموا أي أكملوا، وقد اختلف في هذه اللفظة في حديث أبي قتادة، فرواية الجمهور فأتموا ورواية معاوية بن هشام عن شيبان: فاقضوا كذا ذكره ابن أبي شيبة عنه. ومثله روى أبو داود، وكذلك وقع الخلاف في حديث أبي هريرة كما ذكر المصنف.
قال الحافظ: والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ: فأتموا وأقلها بلفظ: فاقضوا وإنما يظهر فائد ذلك إذا جعلنا بين التمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدا واختلف في لفظه منه، وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى، وهذا كذلك، لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائتة غالبا لكنه يطلق على الأداء أيضا، ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى: * (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا) * (الجمعة: 10) ويرد لمعان أخر، فيحمل قوله هنا فاقضوا على معنى الأداء والفراغ فلا يغاير قوله: فأتموا فلا حجة لمن تمسك برواية فاقضوا، على أن ما أدركه مع الامام هو آخر صلاته، حتى يستحب له الجهر في الركعتين الآخرتين، وقراءة السورة وترك القنوت بل هو أولها، وإن كان آخر صلاة إمامه، لأن الآخر لا يكون إلا عن شئ تقدمه. وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال، فلو كان ما يدركه مع الامام آخرا له لما احتاج إلى إعادة التشهد، وقول ابن بطال:
أنه ما تشهد إلا لأجل السلام، لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد ليس بالجواب الناهض على دفع الايراد المذكور. واستدل ابن المنذر لذلك أيضا أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى، وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور فإنهم قالوا: إن ما أدرك مع الامام هو أول صلاته، إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين، وكان الحجة فيه قول علي عليه السلام: ما أدركت مع الامام فهو أول صلاتك، واقض ما سبقك به من القرآن أخرجه البيهقي. وعن إسحاق والمزني أنه لا يقرأ إلا أم القرآن فقط، قال الحافظ:
وهو القياس. قوله: إذا سمعتم الإقامة هو أخص من قوله في حديث أبي قتادة: إذا أتيتم الصلاة لكن الظاهر أنه في مفهوم الموافقة، وأيضا سامع الإقامة لا يحتاج إلى الاسراع لأنه يتحقق إدراك الصلاة كلها، فينتهي عن الاسراع من باب الأولى. وقد لحظ بعضهم