وذكر بعضهم رواية هالكة رويناها من طريق عبد الملك بن حبيب الأندلسي عن أصبغ ابن الفرج عن ابن وهب عن حيوه بن شريح ان سالم بن غيلان التجيبي أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت له طلبة عند أخيه (1) فعليه البينة) والمطلوب أولى باليمين فان نكل حلف الطالب وأخذ * قال أبو محمد: هذا مرسل ولا حجة في مرسل عندنا ولا عند الشافعيين ثم لو صح لكان حجة على المالكيين لأنهم مخالفون لما فيه من عموم رد اليمين في كل طلبة طالب ولا خلاف في أن أوله في كل دعوى من دم أو نكاح أو طلاق أو عتاق أو غير ذلك فتخصيصهم آخره (1) في الأموال باطل وتناقض وخلاف للخبر الذي موهوا به وهذا قبيح جدا، وقال مالك في موطأه في باب اليمين مع الشاهد في كتاب الأقضية أرأيت رجلا ادعى على رجل مالا أليس يحلف المطلوب ما ذلك الحق عليه فان حلف بطل ذلك عنه وان أبى أن يحلف ونكل عن اليمين حلف طالب الحق ان حقه لحق وثبت حقه على صاحبه فهذا ما لا اختلاف فيه عند أحد من الناس ولا في بلد من البلدان فبأي شئ أخذ هذا أم في أي كتاب الله وجده؟ فإذا أقر بهذا فليقر باليمين مع الشاهد وان لم يكن ذلك في كتاب الله تعالى * قال أبو محمد: وهذا احتجاج ناهيك به عجبا في الغفلة أول ذلك قوله: انه لا خلاف في رد اليمين بين أحد من الناس ولا في بلد من البلدان فلئن كان خفى عليه قضاء أهل العراق بالنكول فإنه لعجب ثم قوله: إذا أقر برد اليمين وان لم يكن في كتاب الله تعالى فليقر باليمين على الشاهد وان لم يكن في كتاب الله تعالى فهذا أيضا عجب آخر لان اليمين مع الشاهد ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في كتاب الله عز وجل قال الله تعالى:
(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وأما رد اليمين على الطالب إذا نكل المطلوب فما كان قط في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فبين الامرين فرق كما بين السماء والأرض، وإذا وجب الاخذ بما جاءت به السنة وان لم يوجب في لفظ آيات القرآن فما وجب قط من ذلك ان يؤخذ بما لا يوجد في القرآن ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما أبو ثور فإنه قال: إذا نكل المطلوب عن اليمين وأحلف الحاكم الطالب فقد اتفقنا على وجوب القضاء له بتلك الدعوى ما لم يحلف الطالب فلم نتفق على القضاء (3) له بتلك الدعوى فوجب القول بما اجمعنا عليه وان إلا يقضى على أحد باختلاف لا نص معه * قال أبو محمد: ليس قول أربعة من التابعين وروايات ساقطة لا تصح أسانيدها