قال أبو محمد: وهذا منسد لان ابن عباس أخبر بنزول الآية في ذلك وهو قول مجاهد. وعكرمة، وأيضا فان الله تعالى يقول: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) والدين في القرآن واللغة يكون الشريعة. ويكون الحكم. ويكون الجزاء فالجزاء في الآخرة إلى الله تعالى لا الينا، والشريعة قد صح أن نقرهم على ما يعتقدون إذا كانوا أهل كتاب فبقي الحكم فوجب أن يكون كله حكم الله كما أمر، فان قالوا: فاحكموا عليهم بالصلاة. والصيام. والحج. والجهاد. والزكاة قلنا: قد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلزمهم شيئا من هذا (1) فخرج بنصه وبقى سائر الحكم عليهم على حكم الاسلام ولا بد، وصح أنه عليه الصلاة والسلام قتل يهوديا قودا بصبية مسلمة ورجم يهوديين زنيا ولم يلتفت إلى حكم دينهم فقال بعضهم: بآبدة مهلكة وهي أن قالوا: إنما أنفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجم بحكم التوراة كما قال تعالى: (يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا) فقلنا: هذا كفر ممن قاله إذ جعله عليه الصلاة والسلام منفذا لحكم اليهود تاركا لتنفيذ حكم الله تعالى حاشا له من ذلك، وأيضا فهبك أنه كما قلتم فارجموهم أنتم أيضا على ذلك الوجه نفسه والا فقد جورتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الآية فإنما هي خبر عن النبيين السالفين فيهم لأنه ليسوا لنا بنبيين إنما لنا نبي واحد فصح أنه غير معنى بهذه الآية ثم نقول لهم أخبرونا عن أحكام دينهم أحق هي إلى اليوم محكم أم باطل منسوخ؟ ولا بد من أحدهما فان قالوا: حق محكم كفروا جهارا وان قالوا بل باطل منسوخ قلنا: صدقتم وأقررتم على أنفسكم انكم رددتموهم إلى الباطل المنسوخ الحرام وفى هذا كفاية، وقال تعالى:
(كونوا قوامين بالقسط) وليس من القسط تركهم يحكمون بالكفر المبدل أو بحكم قد أبطله الله تعالى أو حرم القول به والعمل به، وقال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) ومن ردهم إلى حكم الكفر المبدل والامر المنسوخ المحرم فلم يعن علي البر والتقوى بل أعان على الاثم والعدوان ونعوذ بالله من الخذلان، وقال تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) والصغار هو جرى أحكامنا عليهم فإذا ما تركوا يحكمون بكفرهم (2) فما أصغرناهم بل هم أصغرونا ومعاذ الله من ذلك * 1796 مسألة وفرض على الحاكم ان يحكم بعلمه في الدماء. والقصاص.
والأموال، والفروج والحدود، وسواء علم ذلك قبل ولايته أو بعد ولايته، وأقوى ما حكم بعلمه لأنه يقين الحق ثم بالاقرار ثم بالبينة، وقد اختلف الناس في هذا فروى عن أبي بكر الصديق قال: لو رأيت رجلا على حد لم أدع له غيري حتى يكون معي شاهد غيري،