بطل كل ما احتجوا به فالحجة لقولنا قول الله تعالى: (أوفوا بالعقود) وهذا مكان الاحتجاج بهذه الآية لا حيث احتجوا بها مما بينت السنن انه لا مدخل له فيها. وكذلك قوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) ومن لفظ بالهبة أو الصدقة فقد عمل عملا وعقد عقدا لزمه الوفاء به ولا يحل لاحد ابطاله الا بنص ولا نص في ابطاله وبالله تعالى التوفيق * 1629 مسألة ومن وهب هبة صحيحة لم يجز له الرجوع فيها أصلا مذ يلفظ بها الا الوالد. والام فيما أعطيا أو أحدهما لولدهما فلهما الرجوع فيه أبدا الصغير والكبير سواء، وسواء تزوج الولد أو الابنة على تلك العطية أو لم يتزوجا داينا عليها أو لم يداينا فان فات عينها فلا رجوع لهما بشئ ولا رجوع لهما بالغلة ولا بالولد الحادث بعد الهبة فان فات البعض وبقى البعض كان لهما الرجوع فيما بقي فقط وهو قول الشافعي.
وأبي سليمان وأصحابهما: وقال أبو حنيفة: من وهب لذي رحم محرمة أو لوالد هبة وأقبضه إياها أو وهب أحد الزوجين لصاحبه هبة وأقبضه إياها فلا رجوع لاحد ممن ذكرنا (1) فيما وهب، ومن وهب لأجنبي أو لمولى أو لذي رحم غير محرمة هبة وأقبضه إياها فللواهب أن يرجع فيما وهب من ذلك متى شاء وان طالت المدة ما لم تزد الهبة في بدنها أو ما لم يخرجها الموهوب له عن ملكه أو ما لم يمت الواهب أو الموهوب له أو ما لم يعوض الموهوب له أو غيره عنه الواهب عوضا يقبله الواهب فأي هذه الأسباب كان فلا رجوع للواهب فيما وهب ولا يجوز الرجوع في الهبة إذا لم يكن شئ مما ذكرنا إلا بتسليم الموهوب له ذلك أو بحضرة الحاكم أحب الموهوب له أم كره قال: فلو وهب آخر جارية فعلمها الموهوب له القرآن والكتابة والخير فليس ذلك بمانع من رجوع الواهب فيها فإن كان عليها دين فأداه الموهوب له عنها أو كانت كافرة فأسلمت فلا رجوع للواهب فيها، وأما الصدقة فلا رجوع للمتصدق فيها لأجنبي كانت أو لغير أجنبي بخلاف الهبة، وقال مالك، لا رجوع لواهب ولا لمتصدق في هبته (2) أصلا لا لأجنبي ولا لذي رحم محرمة الا في هبة الثواب فقط وفيما وهب الرجل لولده أو ابنته الكبيرين أو الصغيرين ما لم يقل انه وهبها لولده لوجه الله تعالى، فان قال هذا فلا رجوع له فيما وهب فإن لم يقله فله الرجوع فيما وهب ما لم يداين الولد على تلك الهبة أو ما لم يتزوج الابن أو الابنة عليها أو ما لم يثب الولد أو الابنة إياهما على ذلك، فأي هذه الوجوه كان فقد بطل رجوع الأب في الهبة وترجع الام كذلك فيما وهبت الام لولدها الصغار خاصة ما دام أبوهم حيا فلها الرجوع فيه فان مات أبوهم فلا رجوع لها وكذلك لا رجوع لها فيما