فيما عرف قبل العمى، وما عرف هذا عن أحد قبل أبي حنيفة، وأيضا فإنه لا يصح عن علي لأنه من طريق الأسود بن قيس عن أشياخ من قومه أو عن الحجاج بن أرطأة وقد روى عن ابن عباس خلاف ذلك فسقط هذا القول. وأما من أجازه فيما علم قبل العمى ولم يجزه فيما علم بعد العمى فإنهم احتجوا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه سئل عن الشهادة؟
فقال: ألا ترى الشمس على مثلها فاشهد أو دع) قال أبو محمد: وهذا خبر لا يصح سنده لأنه من طريق محمد بن سليمان بن مسمول وهو هالك عن عبيد الله (1) بن سلمة بن وهرام وهو ضعيف لكن معناه صحيح، وقالوا: الأصوات قد تشتبه والأعمى كمن أشهد في ظلمة أو خلف حائط ما نعلم لهم غير هذا * قال أبو محمد: إن كانت الأصوات تشتبه فالصور أيضا قد تشتبه، وما يجوز لمبصر ولا أعمى أن يشهد الا بما يوقن ولا يشك فيه، ومن أشهد خلف حائط أو في ظلمة فأيقن بلا شك بمن أشهده فشهادته مقبولة في ذلك، ولو لم يقطع الأعمى بصحة اليقين على من يكلمه لما حل له أن يطأ امرأته إذ لعلها أجنبية ولا يعطى أحدا دينا عليه إذ لعله غيره ولا أن يبيع من أحد ولا أن يشترى وقد قبل الناس كلام أمهات المؤمنين من خلف الحجاب، فان قالوا: إنما حل له وطئ امرأته بغلبة الظن كما يحل له ذلك في دخولها عليه أول مرة ولعلها غيرها قلنا: هذا باطل ولا يجوز له وطؤها حتى يوقن أنها التي تزوج، وقد أمر الله تعالى بقبول البينة ولم يشترط أعمى من مبصر وما كان ربك نسيا. وما نعلم في الضلالة بعد الشرك والكبائر أكبر ممن دان الله برد شهادة جابر بن عبد الله. وابن أم مكتوم. وابن عباس. وابن عمر ونعوذ بالله من الخذلان * 1815 مسألة وكل من سمع انسانا يخبر بحق لزيد عليه اخبارا صحيحا تاما لم يصله بما يبطله أو بأنه قد وهب أمرا كذا لفلان أو أنه أنكح زيدا أو أي شئ كان فسواء قال له: اشهد بهذا على أو أنا أشهدك أو لم يقل له شيئا من ذلك أو لم يخاطبه أصلا لكن خاطب غيره أو قال له: لا تشهد على فلست أشهدك كل ذلك سواء وفرض عليه أن يشهد بكل ذلك. وفرض على الحاكم قبول تلك الشهادة والحكم بها لأنه لم يأت قرآن ولا سنة ولا قول أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا قياس بالفرق بين شئ من ذلك. وقال أبو حنيفة لا يشهد حتى يقال له: اشهد علينا * قال أبو محمد: وكذلك ان قال الشاهد للقاضي: انا أخبرك أو انا أقول لك أو انا أعلمك أو لم يقل انا أشهد فكل ذلك سواء وكل ذلك شهادة تامة فرض على الحاكم الحكم بها