بيع صحيح لازم فهو أيضا بيع تراض لم يجبره أحد عليه فهو صحيح بنص القرآن، ثم نظرنا فيمن باع في إنقاذ نفسه أو حميمه من يد كافر أو ظلم ظالم فوجدنا الكافر والظالم لم يكرها فادى الأسير ولا الأسير ولا المضغوط على بيع ما باعوا في استنقاذ أنفسهم أو من يسعون لاستنقاذه وإنما أكرهوهم على اعطاء المال فقط ولو أنهما أتوهما بمال من قرض أو من غير البيع ما ألزموهما البيع، فصح أنه بيع تراض والواجب على من طلب بباطل ان يدفع عن نفسه وان يغير المنكر الذي نزل به لا ان يعطى ماله بالباطل فصح أن بيعه صحيح لازم له وان الذي أكره عليه من دفع المال في ذلك هو الباطل الذي لا يلزمه فهو باق في ملكه كما كان يقضى له به متى قدر على ذلك ويأخذه الظالم ومن الحربي الكافر متى أمكنه أو متى وجده في مغنم قبل القسمة وبعد القسمة من يد من وجده في يده من مسلم أو ذمي أو من يد ذلك الكافر لو تذمم أو أسلم أبدا هذا إذا وجد ذلك المال بعينه لأنه ماله كما كان ولا يطلب الكافر بغيره بدلا منه لان الحربي إذا أسلم تذمم غير مؤاخذ بما سلف من ظلم أو قتل، وأما المسلم الظالم فيتبعه به أبدا أو بمثله أو قيمته سواء كان خارجيا أو محاربا أو باغيا أو سلطانا أو متغلبا لأنه (1) أخذ منه بغير حق والله تعالى يقول: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * 1530 مسألة ولا يحل بيع الحيوان (2) الا لمنفعة اما لاكل واما لركوب واما لصيد. واما لدواء، فإن كان لا منفعة فيه لشئ من ذلك لم يحل بيعه ولا ملكه لأنه إضاعة مال من المبتاع وأكل مال بالباطل من البائع فإن كان فيه منفعة لشئ مما ذكرنا أو لغيره جاز بيعه لأنه بيع عن تراض وأحل الله البيع، وليس إضاعة مال ولا أكل مال بالباطل وبالله تعالى التوفيق * 1531 مسألة ولا يصح البيع (3) بغير ثمن مسمى كمن باع بما يبلغ في السوق أو بما اشترى فلان أو بالقيمة فهذا كله باطل لأنه بيع غرر وأكل مال بالباطل لأنه لم يصح فيه التراضي ولا يكون التراضي الا بمعلوم المقدار وقد يرضى لأنه يظن أنه يبلغ ثمنا ما فان بلغ أكثر لم يرض المشترى وان بلغ أقل لم يرض البائع * ومن عجائب الدنيا قول أبي حنيفة:
من باع بالريح أو بالكعبة أو بلا ثمن فإنه لا يملكه بالقبض فان باع بالميتة أو بالدم فكذلك أيضا ولا يجوز عتقه له وان قبضه باذن بائعه فان باعه بثمن لم يسمياه أو باعه بخمر أو خنزير فقبضه باذن بائعه فاعتقه جاز عتقه له * قال على: ما في الجنون أكثر من هذا الكلام ونعوذ بالله من الضلال، فان قال: ان