العمل فجوابهم (1) انهما إن كانا أرادا الربا كما ذكرتم فتحيلا بهذا العمل فبارك الله فيهما فقد أحسنا ما شاءا إذ هربا من الربا الحرام إلى البيع الحلال وفرا من معصية الله تعالى إلى ما أحل ولقد أساء ما شاء من أنكر هذا عليهما وأثم مرتين لانكاره احسانهما ثم لظنه بهما ما لعلهما لم يخطر ببالهما، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الظن أكذب الحديث) * وأما أقوال أبي حنيفة، ومالك في هذه المسألة فقد ذكرنا طرفا يسيرا من تقسيمهما وكل من تأمله يرى أنها تقاسيم في غاية الفساد. والتناقض. كتفريق أبي حنيفة بين ابتياعه بسلعة وبين ابتياعه بدنانير وفى كلا الوجهين إنما باع بدراهم، وكتحريمه ذلك على وكيله وشريكه، وكتفريق مالك بين ابتياعه بأكثر مما كان باعها به فيراه حلالا وبين ابتياعه بأقل فيراه حراما، وهذه عجائب بلا دليل كما ترى، ثم أن أبا حنيفة أوهم أنه أخذ بخبر عائشة رضي الله عنها ولم يأخذ به لأنه يرى ذلك فيمن باع بثمن حال ما لم ينتقد جميع الثمن وليس هذا في خبر عائشة أصلا وبالله تعالى التوفيق * 1559 مسألة وبيع دور مكة أعزها الله تعالى وابتياعها حلال وقد ذكرناه في كتاب الحج فأغنى عن اعادته * 1560 مسألة وبيع الأعمى. أو ابتياعه بالصفة جائز كالصحيح ولا فرق لأنه لم يأت قرآن. ولا سنة بالفرق بين شئ في شئ من ذلك وأحل الله البيع فدخل في ذلك الأعمى. والبصير وبالله تعالى التوفيق * 1561 مسألة وبيع العبد وابتياعه بغير اذن سيده جائز ما لم ينتزع سيده ماله فان انتزعه فهو حينئذ مال السيد لا يحل للعبد التصرف فيه * برهان ذلك قول الله تعالى:
(وأحل الله البيع) فلم يخص حرا من عبد، وقال تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم) فلو كان بيع العبد ماله بغير اذن سيده حراما لفصله عز وجل لنا ولما ألجأنا فيه إلى الظنون الكاذبة، والآراء المدبرة، فإذ لم يفصل لنا تحريمه فصح أنه حلال غير حرام وقد ذكرنا في كتاب الزكاة من ديواننا هذا وغيره صحة ملك العبد لماله: وأما انتزاع السيد مال العبد فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أعطى الحجام أجره وسأل عن ضريبته؟ فامر مواليه أن يخففوا عنه منها * روينا من طريق مسلم نا عبد بن حميد أنا عبد الرزاق أنا معمر عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس [قال] (2) (حجم النبي صلى الله عليه وسلم عبد لبنى بياضة فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أجره وكلم سيده فخفف عنه من ضريبته)، فصح أن العبد يملك لأنه عليه السلام أعطاه اجره فلو لم يكن له ما أعطاه ما ليس له وصح أن للسيد أخذه بأمره عليه السلام بان يخفف