وأما خدمة المدبر فبيعها ظاهر الفساد والبطلان لأنها لا يدرى كم يخدم ولعله سيخدم خمسين سنة أو لعله يموت غدا أو بعد ساعة أو يخرج حرا كذلك فهذا هو الحرام البحت وأكل المال بالباطل. وبيع الغرر وبيع ما ليس عينا وبيع ما لم يخلق بعد فقد جمع كل بلاء، فان قيل: فقد رويتم من طريق محمد بن علي بن الحسين (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم باع خدمة المدبر) روينا ذلك من طريق شعبة عن الحكم عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قلنا: هذا مرسل والمرسل لا تقوم به حجة، وكذلك لا يجوز بيع خدمة المخدم أصلا لما ذكرنا في خدمة المدبر ولا فرق وبالله تعالى التوفيق * 1536 مسألة ولا يجوز بيع السمن المائع يقع فيه الفأر حيا أو ميتا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهرقه وقد ذكرناه في كتاب الطهارة من ديواننا هذا. وفى كتاب ما يحل أكله وما يحرم فأغنى عن إعادته، فإن كان جامدا أو وقع فيه ميتة غير الفأر أو نجاسة فلم تغير لونه ولا طعمه ولا ريحه أو وقع الفأر الميت أو الحي أو أي نجاسة أو أي ميتة كانت في مائع غير السمن فلم تغير طعما ولا لونا ولا ريحا فبيعه حلال واكله حلال لأنه لم يمنع من ذلك نص وقد قال الله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم) وقال تعالى: (وما كان ربك نسيا) وهذا قول أصحابنا وقد ذكرناه عن بعض السلف في الكتب المذكورة فان تغير طعمه أو لونه أو ريحه جاز بيعه أيضا كما يباع الثوب النجس وقد قلنا: إن الطاهر لا ينجس بملاقاته النجس (1) ولو أمكننا ان نفصله من الحرام لحل اكله ولم يمنع من الانتفاع به في غير الاكل نص فهو مباح وبالله تعالى التوفيق * وهذا قول أبي حنيفة يعنى بيع ما تغير لونه أو طعمه أو ريحه من المائعات التي حلتها النجاسات لأنه إنما يباع الشئ الذي حلته النجاسة لا النجاسة (2) وبالله تعالى التوفيق * 1537 مسألة ولا يحل بيع الصور الا للعب الصبايا فقط فان اتخاذها لهن حلال حسن وما جاز ملكه جاز بيعه الا ان يخص شيئا من ذلك نص فيوقف عنده قال الله تعالى:
(وأحل الله البيع) وقال تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم) وكذلك لا يحل اتخاذ الصور الا ما كان في ثوب لما روينا من طريق مسلم نا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن أبي طلحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة) ومن طريق مالك عن أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبى طلحة يعوده قال: فوجد (3) عنده سهل بن حنيف فأمر أبو طلحة ينزع نمط كان تحته فقال له سهل: لم نزعته؟ قال: لان فيه