فكيف وهي لا تصح، ثم وجدنا الله تعالى قد قال: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) فأمرنا الله عز وجل بالعدل على أعدائنا فصح أن من حكم بالعدل على عدوه أو صديقه (1) أو لهما أو شهد وهو عدل على عدوه أو صديقه أو لهما فشهادته مقبولة وحكمه نافذ وبالله تعالى التوفيق، وما نعلم أحدا سبق مالكا إلى القول برد شهادة الصديق الملاطف، وأما من رد شهادة الفقير فعظيمة قال الله تعالى:
(للفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا) إلى قوله:
(أولئك هم الصادقون) فمن رد شهادة (2) هؤلاء لخاسر وأن من خصهم دون سائر الفقراء لمتناقض وبالله تعالى التوفيق *. وما نعلم لهم في هذه الأقوال سلفا من الصحابة رضي الله عنهم أصلا، واطرف شئ قول ربيعة: ترد شهادة من خالف العدول في سيرته وان لم يوقف منه على غير ذلك فهذا عجب جدا لا ندري من أين أطلقه في دين الله عز وجل * 1791 مسألة ولا تقبل شهادة من لم يبلغ من الصبيان لا ذكورهم ولا إناثهم ولا بعضهم على بعض ولا على غيرهم لا في نفس ولا جراحة ولا في مال ولا يحل الحكم بشئ من ذلك لا قبل افتراقهم ولا بعد افتراقهم، وفى هذا خلاف (3) كثير فصح عن ابن الزبير أنه قال: إذا جئ بهم عند المصيبة جازت شهادتهم: قال ابن أبي مليكة: فأخذ القضاة بقول ابن الزبير وأجاز بعضهم شهادتهم في خاص من الامر لا في كل شئ كما روينا عن قتادة عن الحسن قال: قال علي بن أبي طالب: شهادة الصبي على الصبي جائزة وشهادة العبد على العبد جائزة قال الحسن: وقال معاوية: شهادة الصبيان على الصبيان جائزة ما لم يدخلوا البيوت فيعلموا، وعن علي مثل هذا أيضا، ومن طريق ابن أبي شيبة عن وكيع نا عبد الله ابن حبيب بن أبي ثابت عن الشعبي عن مسروق أن ستة غلمان ذهبوا يسبحون فغرق أحدهم فشهد ثلاثة على اثنين أنهما غرقاه وشهد اثنان على ثلاثة انهم غرقوه فقضى على ابن أبي طالب على الثلاثة خمسي الدية وعلى الاثنين ثلاثة أخماس الدية، وروينا أيضا نحو هذا عن مسروق، وروينا عن يحيى (4) بن سعيد القطان نا سفيان الثوري عن فراس عن الشعبي عن مسروق أن ثلاثة غلمان شهدوا على أربعة وشهد الأربعة على الثلاثة فجعل مسروق على الأربعة ثلاثة أسباع الدية وعلى الثلاثة أربعة أسباع الدية * وروينا أيضا عن ابن المسيب. والزهري جواز شهادة الصبيان بقولهم مع ايمان المدعى ما لم يتفرقوا وانه قضى بمثل ما قضى به علي بن أبي طالب في دية ضرس * وعن أبي الزناد السنة أن يؤخذ في شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح (5) مع أيمان المدعين، وعن عمر