عليه أن يريدها ولابد وبالله تعالى التوفيق، وأما قولهم: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوص فقد كانت تقدمت وصيته بجميع ما ترك بقوله الثابت يقينا: انا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة، وهذه وصية صحيحة بلا شك لأنه أوصى بصدقة كل ما يترك إذا مات وإنما صح الأثر بنفي الوصية التي تدعيها الرافضة إلى علي فقط * وأما ما رووا من أن ابن عمر لم يوص فباطل لان هذا إنما روى من طريق أشهل بن حاتم وهو ضعيف * ومن طريق ابن لهيعة وهو لا شئ والثابت عنه ما رواه مالك عن نافع من ايجابه الوصية وانه لم يبت ليلة مذ سمع هذا الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم الا ووصيته عنده مكتوبة * وأما حديث حاطب (1) وعمر فمن رواية ابن لهيعة وهي أسقط من أن يشتغل بها * وأما خبر ابن عباس ففيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف * وأما حديث على (2) فإنه حد القليل بما بين السبعمائة إلى التسعمائة وهم لا يقولون بهذا وليس في حديث أم المؤمنين بيان بما ادعوا ثم لو صح كل ذلك لما كانت فيه حجة لأنه قد عارضهم صحابة كما أوردنا وإذا وقع التنازع لم يكن قول طائفة أولى من قول أخرى والفرض حينئذ هو الرجوع إلى القرآن والسنة وكلاهما يوجب فرض الوصية أما السنة فكما أوردنا وأما القرآن فكما نورد إن شاء الله تعالى * 1750 مسألة فمن مات ولم يوص ففرض أن يتصدق عنه بما تيسر ولابد لان فرض الوصية واجب كما أوردنا فصح أنه قد وجب أن يخرج شئ من ماله بعد الموت فإذ ذلك كذلك فقد سقط ملكه عما وجب اخراجه من ماله ولا حد في ذلك الا ما رآه الورثة أو الوصي مما لا اجحاف فيه على الورثة وهو قول طائفة من السلف، وقد صح به أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم كما روينا من طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (ان أمي أفتلتت نفسها (3) وانها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم فتصدق عنها) فهذا ايجاب الصدقة عمن لم يوص وأمره عليه الصلاة والسلام فرض * ومن طريق مسلم ابن الحجاج نا قتيبة نا إسماعيل هو ابن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان أبى مات ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه قال عليه الصلاة والسلام: نعم) فهذا ايجاب للوصية ولان يتصدق عمن لم يوص ولابد لان التكفير لا يكون الا في ذنب فبين عليه الصلاة والسلام ان ترك الوصية يحتاج فاعله إلى أن يكفر عنه ذلك بأن يتصدق عنه وهذا ما لا
(٣١٣)