وأسواقنا تقطعون في رقابنا ثم تبيعون كيف شئتم بع صاعا والا فلا تبع في أسواقنا والا فسيبوا في الأرض ثم اجلبوا ثم بيعوا كيف شئتم، فهذا خبر عمر مع حاطب في الزبيب كما يجب ان يظن بعمر، فان قالوا: في هذا ضرر على أهل السوق قلنا: هذا باطل بل في قولكم أنتم الضرر على أهل البلد كلهم. وعلى المساكين. وعلى هذا المحسن إلى الناس ولا ضرر في ذلك على أهل السوق لأنهم أن شاءوا أن يرخصوا كما فعل هذا فليفعلوا والا فهم أملك بأموالهم كما هذا أملك بماله، والحجة القاطعة في هذا قول الله تعالى: (الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وقوله تعالى: (وأحل الله البيع) * 1555 مسألة ومن ابتاع سلعة في السوق فلا يحل ان يحكم عليه بأن يشركه فيها أهل تلك السوق وهي لمشتريها خاصة وهو قال الناس، وقال المالكيون: يجبر على أن يشركوه فيها وما نعلم أحدا قاله غيرهم وهو ظلم ظاهر ويبطله قول الله تعالى: (الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) فلم يتراض البائع الا مع هذا المبتاع لا مع غيره فالحكم به لغيره أكل مال بالباطل بلا دليل أصلا وبالله تعالى التوفيق، بل قد جاء عن عمر الحكم على أهل السوق بهذا في غيرهم لا لهم كما روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن مسلم بن جندب قال: قدم المدينة طعام فخرج أهل السوق إليه فابتاعوه فقال لهم عمر:
أفي سوقنا (1) هذا تتجرون؟ أشركوا الناس أو اخرجوا فاشتروا ثم ائتوا فبيعوا * قال على: وهذا الذي حكم به المالكيون أعظم الضرر على المسلمين لان أهل الصناعة من السوق يتواطؤن على إماتة السلعة التي يبيعها الجالب أو المضطر ويتفقون على أن لا يزيدوا فيها ويتركوا واحدا منهم يسومه حتى يترك المضطر على حكمه ثم يقتسمونها بينهم وهذا واجب منعهم منه لأنه غش وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من غشنا) * 1556 مسألة ولا يجوز البيع بالبراءة من كل عيب ولا على أن لا يقوم على بعيب والبيع هكذا فاسد مفسوخ أبدا. وذهب أبو حنيفة إلى جواز البيع بالبراءة ولم ير للمشترى القيام بعيب أصلا علمه البائع أو لم يعلمه، وذهب سفيان. والحسن بن حي وأبو سليمان إلى أنه لا يبرأ بشئ من ذلك (2) من العيوب علمه البائع أو لم يعلمه، وذهب الشافعي إلى أنه لا يبرأ بذلك من شئ من العيوب الا في الحيوان خاصة فإنه يبرأ به مما لم يعلم من عيوب الحيوان المبيع ولا يبرأ مما علمه من عيوبه فكتمه، ولمالك ثلاثة أقوال.
أحدها وهو الذي ذكرنا انه المجتمع عليه عندهم وهو مثل قول الشافعي حرفا حرفا وهو قوله في الموطأ، والثاني انه لا يبرأ بذلك الا في الرقيق خاصة فيبرأ مما لم يعلم ولا يبرأ مما علم