المدعى عليه وانه لو أعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء قوم وأموالهم وما قد أتينا به قبل في المسألة التي قبل هذه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينتك أو يمينه ليس لك الا ذلك فصح يقينا انه لا يجوز ان يعطى المدعى بدعواه دون بينة فبطل بهذا أن يعطى شيئا بنكول خصمه أو بيمينه إذا نكل خصمه لأنه أعطى بالدعوى وصح أن اليمين بحكم الله تعالى على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام على المدعى عليه فوجب بذلك أنه لا يعطى المدعى يمينا أصلا الا حيث جاء النص بان يعطاها وليس ذلك الا في القسامة في المسلم يوجد مقتولا وفى المدعى يقيم شاهدا عدلا فقط، وكان من أعطى المدعى بنكول خصمه فقط أو بيمينه إذا نكل خصمه قد أخطأ كثيرا وذلك أنه أعطاه ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس له وأعطاه بدعواه المجردة عن البينة وأسقط اليمين عمن أوجبها الله تعالى عليه ولم يزلها عنه الا أن يسقطها الذي هي له وهو الطالب الذي جعل الله تعالى له البينة فيأخذ أو يمين مطلوبه فإذ هي له فله ترك حقه ان شاء فظهر صحة قولنا يقينا، وقال الله تعالى: (ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) فمن أطلق للمطلوب الامتناع من اليمين ولم يأخذه بها وقد أوجبها الله تعالى عليه فقد أعانه على الاثم والعدوان وعلى ترك ما افترض الله تعالى عليه الزامه إياه وأخذه به، وقد ذكرنا في كلامنا في الإمامة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ان استطاع) فوجدنا الممتنع مما أوجب الله عز وجل أخذه به من اليمين قد أتى منكرا بيقين فوجب تغييره باليد بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغيير باليد هو الضرب فيمن لم يمتنع أو بالسلاح في المدافع بيده الممتنع من أخذه بالحق فوجب ضربه أبدا حتى يحييه الحق من اقراره أو يميته أو يقتله الحق من تغيير ما أعلن به من المنكر ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، ومن أطاع الله تعالى فقد أحسن وأما السجن فلا يختلف اثنان في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له قط سجن وبالله تعالى التوفيق، وقد لاح بما ذكرنا ان قولنا ثابت عن ابن عباس كما أوردنا، ولا يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم خلافه والحمد لله رب العالمين * 1784 مسألة وليس على من وجبت عليه يمين أن يحلف الا بالله تعالى أو باسم من أسماء الله تعالى في مجلس الحاكم فقط كيفما شاء من قعود أو قيام أو غير ذلك من الأحوال ولا يبالي إلى أي جهة كان وجهه، وقد اختلف الناس في هذا فروينا عن مالك انه بلغه انه كتب إلى عمر بن الخطاب رجل من العراق أن رجلا قال لامرأته: حبلك على غاربك فكتب عمر إلى عامله ان يوافيه الرجل بمكة في الموسم ففعل فأتاه الرجل وعمر يطوف بالبيت فقال لعمر: انا الرجل الذي أمرت ان أجلب عليك فقال له عمر: أنشدك
(٣٨٣)