تلك الأخبار وضم بعضها إلى بعض ولا يحل ترك بعضها لبعض الا بزيادة أو نسخ أو تخصيص بنص آخر * ومن العجب (1) احتجاجهم بالحديث الذي ذكرنا عن ابن عمر أريت أن أتصدق بمالي كله فمن العجب الاحتجاج في الدين بأحلام نائم هذا عجب جدا، وقد يمع عمر أبوه رضي الله عنه تلك الرؤيا فلم يعبأ بها، فبطل كل ما شغبوا به وبقى كل ما أوردنا بحسبه وبالله تعالى التوفيق * ومن عجائب الدنيا التي لا نظير لها منع المالكيين والشافعيين من يخدع في البيوع من أن يتصدق بدرهم لله تعالى أو بعتق عبده لله تعالى وهو صاحب الف ألف دينار ومائة عبد وقد حضه الله تعالى على فعل الخير ثم يجيزون له إذا شهد عند القاضي أن لا يغبن في البيع فاطلقه القاضي على ماله وما ادراك ما القاضي أن يعطى جميع ماله لشاعر سفيه أو لنديمه في غير وجه الله عز وجل ويبقى هو وأطفاله وعياله يسألون على الأبواب ويموتون جوعا وبردا والله ما كان قط هذا من حكم الله تعالى وما هو الا من حكم الشيطان ونعوذ بالله من الخذلان * 1632 مسألة ولا يحل لاحد أن يهب ولا أن يتصدق على أحد من ولده الا حتى يعطى أو يتصدق على كل واحد منهم بمثل ذلك ولا يحل أن يفضل ذكرا على أنثى ولا أنثى على ذكر فان فعل فهو مفسوخ مردود أبد ولابد وإنما هذا في التطوع، وأما في النفقات الواجبات فلا، وكذلك الكسوة الواجبة لكن ينفق على كل امرئ منهم بحسب حاجته وينفق على الفقير منهم دون الغنى ولا يلزمه ما ذكرنا في ولد الولد ولا في أمهاتهم ولا في نسائهم، ولا في رقيقهم، ولا في غير ولد بل له أن يفصل بماله كل من أحب فإن كان له ولد فأعطاهم ثم ولد له ولد فعليه أن يعطيه كما أعطاهم أو يشركهم (2) فيما أعطاهم وان تغيرت عين العطية ما لم يمت أحدهم فيصير ماله لغيره فعلى الأب حينئذ أن يعطى هذا الولد كما أعطى غيره فإن لم يفعل أعطى مما ترك أبوه من رأس ماله مثل ذلك، وروى ذلك عن جمهور السلف كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر غن أيوب السختياني عن ابن سيرين أن سعد بن عبادة قسم ماله بين بنيه في حياته فولد له بعد ما مات فلقي عمر أبا بكر فقال له: ما نمت الليلة من اجل ابن سعد هذا المولود لم يترك له شئ فقال أبو بكر (3): وانا والله فانطلق بنا إلى قيس بن سعد نكلمه في أخيه فأتيناه فكلمناه فقال قيس: أما شئ أمضاه سعد فلا أرده ابدا ولكن أشهدكما أن نصيبي له قال أبو محمد: قد زاد قيس على حقه واقرار أبى بكر لتلك القسمة دليل على صحة
(١٤٢)